للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو نُعيم: هذا حديثٌ صَحِيحٌ ثابتٌ، رَوَاهُ النَّاسُ عن محمَّد بن المُنْكَدِرِ.

وقال الحاكم: هذا الحديثُ وأشباهُهُ مُسْنَدَةٌ عن آخِرِهَا، وليست بِمَوْقُوفَةٍ، فإنَّ الصَّحَابِيَّ الذي شَهِدَ الوحي والتَّنْزِيلَ فأخبر عن آيَةٍ مِنَ القُرْآنِ أنَّها نَزَلَتْ في كذا وكذا فإنَّهُ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ. وبنحوه قال الخطيب.

ثانياً: - دراسة الإسناد:

١) أحمد بن القاسم بن مُسَاوِر، الجَوْهَرِيُّ: "ثِقَةٌ"، تَقَدَّم في الحديث رقم (١٠١).

٢) القاسم بن المُسَاور، الجَوْهَريُّ: "مجهول الحال"، تَقَدَّم في الحديث رقم (١٢٦).

٣) عيسى بن مُسَاور الجوهري: "ثِقَةٌ"، تقدَّم في الحديث رقم (١١٣).

٤) مَرْوَان بن مُعَاوية الفَزَارِيُّ: "ثِقَةٌ حافظٌ، كان يُدَلِّس أسماء الشيوخ"، تَقَدَّم في الحديث رقم (١١٧).

٥) مُعَاوِيَة بن أبي العَبَّاس القيسيُّ، العبسيُّ، كان جاراً للثوري، والظاهر - والله أعلم - أنَّه ليس هو مُعاوية بن هشام القَصَّار (١).


(١) مُعاوية بن هشام القَصَّار هذا ذكره البخاري في "التاريخ الكبير" (٧/ ٣٣٧)، والعِجْلي في "الثقات" (٢/ ٢٨٥)، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٨/ ٣٨٥)، وابن حبَّان في "الثقات" (٩/ ١٦٦)، وابن عدي في "الكامل" (٨/ ١٤٨)، والمزي في "تهذيب الكمال" (٢٨/ ٢١٨)، ولم يذكر واحدٌ منهم أنَّه هو مُعاوية بن أبي العبَّاس الذي يروي عنه مَرْوان الفَزَاري.

وكذلك الذهبي ذكره في غير كتابٍ له، ولم يذكر أنَّه هو ابن أبي العبَّاس، غير أنَّه ذكر في ترجمته كلام ابن الجوزي - الآتي ذكره بعد قليل - وتَعَقَّبَه، فقال في "الميزان": ما ذكرته لشيء فيه، إلا لقول أبي الفرج: روى ما ليس من سماعه فتركوه. قلت (الذهبي): هذا خطأ منك، ما تركه أحد. يُنظر: "الكاشف" (٢/ ٢٧٧)، و"مَنْ تُكلِّم فيه وهو مُوثَّق" (ص/٤٩٣)، و"الميزان" (٤/ ١٣٨). وقال مُغْلطاي في "الإكمال" (١١/ ٢٧٧): وقال أبو الفرج فيه قولاً لم أر له فيه سلفاً، فيُنْظَر.
بينما ذكر ابن الجوزي في "الضعفاء والمتروكون" (٣/ ١٢٨) مُعاوية بن هشام القَصَّار، وقال: وقيل: هو مُعاوية بن أبي العبَّاس، رَوى ما ليس بِسَمَاعِهِ فَتَرَكُوهُ. وكذلك ابن حجر في "التقريب" (٦٧٧١) في ترجمة القَصَّار هذا، قال: ويُقال: هو مُعاوية بن أبي العبَّاس. وكلاهما ذكر ذلك بصيغة التمريض؛ بينما ظاهر صنيع ابن حجر في "لسان الميزان" يدل على أنَّه يُفَرِّق بينهما، فقد ذكر معاوية القَصَّار (٩/ ٤٢٦)، ورمز له بـ (صح) التي تدل على أنَّه مُتكلمٌ فيه بغير حجة. بينما ذكر معاوية بن أبي العبَّاس (٨/ ٩٩)، ونقل أقوال أهل العلم التي تدل على سرقته للحديث، كما ذكرته في أصل الترجمة.
قلتُ: وبالنظر في أقوال أهل العلم في مُعاوية القَصَّار نجد بعضهم: كالعجلي، وأبي داود، وابن حبَّان، والذهبي قد وثَّقوه. وبعضهم: كابن سعدٍ، وأبي حاتم، وغيرهما قالوا: صدوقٌ. وبعضهم: كأحمد، وابن معين، والدَّارقطني، وابن حجر، قد ضَعَّفوه. والحاصل: أنَّ أقل أحواله أنَّه لا يَنزل عن رتبة الحسن، فتضعيفه محمولٌ على بعض أفراده وأخطائه، لكنها مُحْتَمَلَة في جنب ما روى، فقد كان كثير الرواية كما هو مُصرَّح به في ترجمته.
بَيْنما صَرَّح ابن نُمير، وابن عُقْدة بأنَّ مُعاوية بن أبي العبَّاس كان يَسْرق أحاديث الثوري، لذا تركه أبو زُرعة. وعليه فما ذكره ابن الجوزي في ترجمة القَصَّار - تَرَكُوهُ - إنَّما هو في معاوية بن أبي العبَّاس، وليس في مُعاوية القَصَّار.
فهذا كله بإذن الله عزَّ وجلَّ يُشير إلى أنَّهما مختلفين، وهذا يوافق ما ذهب إليه الشيخ/المُعَلِّمِيّ اليماني في تعليقه على "الموضح لأوهام الجمع والتفريق" للخطيب البغدادي (٢/ ٤٢٦) كما سيأتي تفصيله بإذن الله تعالى.
وذهب الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٦/ ٦٨٧/٢٧٩٠) إلى احتمال أن يكون هو مُعاوية بن أبي عيَّاش الزُّرَقي، لاتِّفاقهم في الطبقة. قلتُ: لم يذكر أحدٌ مِمَّن ترجم للزُّرَقي هذا أنَّه روى عنه مَرْوان بن مُعاوية الفَزَاري، بينما صَرَّح غير واحد بأنَّ مَرْوان الفَزَاري قد روى عن مُعاوية بن أبي العبَّاس القيسي، كما ذكرته في ترجمته في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>