للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أ - ضعف إسناد الوجه الأول؛ ففيه إسحاق بن عبد الله التميمي "مجهول الحال"، وقد انفرد به عن إسماعيل بن عُلَيَّة، ولم يتابعه عليه أحدٌ من أصحاب بن عُلَيَّة - وفيهم الإمام أحمد، وابن راهويه، وزُهير بن حرب، وعلي بن المديني، ويحيى بن معين ..... وغيرهم-، فَتَفرُّدُهُ عن مثل إسماعيل بن عُلَيَّة بما لم يأتِ به هؤلاء الأثبات، مع ضعفه، دليلٌ على نكارة هذه الزيادة. (١) وهذا بخلاف الوجه الثاني؛ فقد رواه عبد الرزَّاق، ولم ينفرد به، بل تابعه سفيان بن عُيينة - والإسناد إليه صحيح-، كلاهما عن ابن جُريج بالوجه الثاني.

ب أنَّ الوجه الثاني قد تُوبع فيه ابن جُريج بمتابعاتٍ تامةٍ، وقاصرة من حديث ابن عبَّاس تؤكِّد بمجموعها واتفاق رواتها على أنَّ الحديث عن ابن عبَّاس بدون الزيادة التي أتى بها راوية الوجه الأول، ولا شكَّ أنَّ الرواية التي تُوبع فيها راويها تُرَجَّح على غيرها. (٢)

رابعًا:- الحكم على الحديث:

أ الحكم على الحديث بإسناد الطبرانيّ:

مما سبق يتضح أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "ضَعيفٌ" بدون الزيادة التي انفرد بها إسحاق بن عبد الله التَّميميّ، عن إسماعيل بن عُلَيَّة، فهي زيادة "مُنْكرةٌ" مِنْ حديث ابن عبَّاس، ومِثْله لا يُحتمل مِنْه التَّفرُّد.

قلتُ: وهذه الزيادة - بذكر الأكل يوم النَّحر- إنما هي ضعيفةٌ من حديث ابن عباس فحسب، وإلا فقد ثبتت عن غيره من الصحابة، وسيأتي مزيد ذلك عند ذكر الشواهد.

ب الحكم على الحديث بإسناد الوجه الثاني:

مما سبق يتضح أنَّ الحديث - بذكر الأكل يوم الفِطر فقط- بالوجه الثاني - إسناد عبد الرزَّاق- "صحيح"، وقد تابعه سفيان بن عُيينة بروايته عن ابن جُريج، بل وله متابعات تامة، وقاصرة سبق ذكرها، وللحديث شواهدٌ صحيحة - ستأتي الإشارة إليها- وكل هذه المتابعات والشواهد تزيد الحديث قوة.

[شواهد للحديث]

أ شواهد للجزء الأول من الحديث - بذكر الأكل يوم الفطر قبل الخروج للمصلَّى-:

- أخرج البخاري في "صحيحه" من حديث أنس - رضي الله عنه -، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَغْدُو يَوْمَ الفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ». قال البخاري: وَقَالَ مُرَجَّأُ بْنُ رَجَاءٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَنَسٌ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا». (٣)


(١) قال ابن رجب في "شرح علل الترمذي" ٢/ ٧٢٣: فأما إن كان المنفرد عن الحفاظ سيء الحفظ؛ فإنه لا يُعبأُ إلى انفراده، ويُحْكَم عليه بالوهم.
(٢) يُنظر لزامًا - مشكورًا غير مأمور- الحديث رقم (٤٩)؛ ففيه أيضًا مخالفة إسحاق بن عبد الله التميمي لما رواه الثقات، وانفراده بما لم يأتِ به الأثبات، ولا شكَّ أنَّ هذا - مع جهالته وتفرده عن الحفاظ- دليلٌ على وهمه وعدم حفظه - والله أعلم.
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٩٥٣) ك/ العيدين، ب/ الأكل يوم الفطر قبل الخروج. ويُنظر للتعليق على فوائد إخراج البخاري للرواية المعلقة لمُرَجَّى -بالتشديد- بن رجاء اليَشكُري: "فتح الباري" لابن رجب ٨/ ٤٣٩، "فتح الباري" لابن حجر ٢/ ٤٤٧. وفي الباب عن جماعة من الصحابة؛ يُنظر مرويَّاتهم ومعرفة حالها، المراجع التالية: "المصنف" لابن أبي شيبة (٢/ ١٦٠ - ١٦١)، ولعبد الرزَّاق (٣/ ٣٠٦)، و"الأوسط في السنن والإجماع" لابن المُنذر (٤/ ٢٥٤)، و"الأوسط" للطبراني (٥٨٣٦)، و"البدر المُنير" (٥/ ٦٩ - ٧٤)، و"مجمع الزوائد" (٢/ ١٩٩)، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>