للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رابعًا: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -: لا يُرْوَى عن عُوَيْم بن سَاعِدَة إلا بهذا الإسناد، تَفَرَّد به محمد بن طَلْحَة.

قلتُ: مِمَّا سبق في التخريج يَتَبَيَّن صحة ما قاله المُصَنِّفُ - رضي الله عنه -.

خامسًا: - التعليق على الحديث:

قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إِنَّ اللَّهَ - عز وجل - نَظَرَ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ بَعْدَ قَلْبِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَوَجَدَ قُلُوبَ أَصْحَابِهِ خَيْرَ قُلُوبِ الْعِبَادِ، فَجَعَلَهُمْ وُزَرَاءَهُ، يُقَاتِلُونَ عَلَى دِينِهِ، فَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا، فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ، وَمَا رَأَى الْمُسْلِمُونَ سَيِّئًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ سَيِّئٌ، وَقَدْ رَأَى أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - جَمِيعًا أَنْ يَسْتَخْلِفُوا أَبَا بَكْرٍ. (١)

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: مَنْ كَانَ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ، أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - كَانُوا خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ، أَبَّرَهَا قُلُوبًا، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا، وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا، قَوْمٌ اخْتَارَهُمُ اللهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَنَقْلِ دِينِهِ، فَتَشَبَّهُوا بِأَخْلَاقِهِمْ وَطَرَائِقِهِمْ، فَهُمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -، كَانُوا عَلَى الْهُدَى الْمُسْتَقِيمِ. (٢)

وقال الإمام الآجري: فَمَنْ سَمِعَ فَنَفَعَهَ اللَّهُ الْكَرِيمُ بِالْعِلْمِ أَحَبَّهُمْ أَجْمَعِينَ: الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ وَأَصْهَارَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: مَنْ تَزَوَّجَ إِلَيْهِمْ، وَمَنْ زَوَّجَهُمْ، وَجَمِيعَ أَهْلِ بَيْتِهِ الطَّيِّبِينَ، وَجَمِيعَ أَزْوَاجِهِ، وَاتَّقَى اللَّهَ الْكَرِيمَ فِيهِمْ، وَلَمْ يَسُبَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ، وَإِذَا سَمِعَ أَحَدًا يَسُبُّ أَحَدًا مِنْهُمْ نَهَاهُ وَزَجَرَهُ وَنَصَحَهُ، فَإِنْ أَبَى هَجَرَهُ وَلَمْ يُجَالِسْهُ. فَمَنْ كَانَ عَلَى هَذَا مَذْهَبُهُ رَجَوْتُ لَهُ مِنَ اللَّهِ الْكَرِيمِ كُلَّ خَيْرٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. (٣)

وقال أيضًا: لَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ مَنْ سَبَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ لِأَنَّهُ خَالَفَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَلَحِقَتْهُ اللَّعْنَةُ مِنَ اللَّهِ - عز وجل - وَمِنْ رَسُولِهِ وَمِنَ الْمَلَائِكَةِ وَمِنْ جَمِيعِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا، لَا فَرِيضَةً وَلَا تَطَوُّعًا، وَهُوَ ذَلِيلٌ فِي الدُّنْيَا، وَضِيعُ القَدْرِ، كَثَّرَ اللَّهُ بِهِمُ الْقُبُورَ، وَأَخْلَى مِنْهُمُ الدُّورَ. (٤)

* * *


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٣٦٠٠)، وفي "فضائل الصحابة" (٥٤١)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١/ ١٧٨): رواه أحمد، والبزار، والطبراني في "الكبير"، ورجاله موثقون. وقال ابن حجر في "الأمالي المطلقة" (ص/٦٥): حديثٌ حسنٌ.
(٢) أخرجه أبو نُعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٣٠٥).
(٣) يُنظر: "الأربعون حديثًا" (ص/١٠٧).
(٤) يُنظر: "الشريعة" للآجُريّ (٥/ ٢٥٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>