للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثالث: هشام بن عُرْوة، عن أبيه، عن أبي هريرة.

ومِنْ خلال ما سبق في التخريج ودراسة الإسناد يَتَبَيَّن أنَّ الوجه الأول، والثاني هُما الأقرب والأشبه بالصواب، وأنَّهما محفوظان عن هشام بن عُروة، وأنَّ الاختلاف فيه لعلَّه مِنْ هِشَام بن عُروة، فكان يَنْشط تارة فَيُسْنِدُه، ثُمَّ يُرْسله أخرى، أو لعلَّه حدَّث به تارةً مِنْ حفظه فيُرْسله مهابة للحديث؛ وذلك للقرائن الآتية:

١) رواية الجماعة عن هشام للحديث بالوجهين؛ فرواه عنه بالوجه الأول: عبدة، والمُقَدَّميّ، وشريك، ومحمد بن الحسن المُزَنيّ، والطفاوي؛ ورواه عنه بالوجه الثاني: وكيع، وحمَّاد بن سلمة، والمُقَدَّميّ، وعبدة بن سُليمان.

٢) أنَّ عبدة بن سُليمان "ثِقَةٌ ثَبْتٌ"، وقد رواه عنه بالوجهين، مِمَّا يدل على أنَّه محفوظٌ بالوجهين.

٣) أقوال الأئمة، ووصفهم لحال الخلاف على هشام بن عُرْوَة:

_ قال يعقوب بن شيبة: هشام مع تثبته، رُبَّمَا جاء عنه بعض الاختلاف، وذلك فيما حَدَّث بالعراق خاصة، ولا يكاد يكون الاختلاف عنه فيما يَفْحُش، يُسْنِدُ الحديثَ أحياناً، ويُرْسِله أحياناً، لا أنه يقلب إسناده، كأنه على ما يذكر من حفظه، يقول: عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ويقول: عن أبيه عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذا أتقنه أسنده، وإذا هابه أرسله. قال ابن رجب: وهذا فيما نرى أن كتبه لم تكن معه في العراق فيرجع إليها. (١)

_ وقال أحمد: ما أحسن حديث الكوفيين عن هشام بن عروة، أسندوا عنه أشياء. قال: وما أرى ذاك إلا على النشاط، يعني أن هشاماً ينشط تارة فيُسْنِد، ثم يُرسل أخرى. قيل له: تغير؟ قال: ما بلغني عنه تغير. (٢)

_ وقال الذهبي: في حديث العراقيين عن هشام أوهام تحتمل، كما وقع في حديثهم عن معمر أوهام. (٣)

_ وقال الذهبي أيضاً: لمَّا قدم العراق في آخر عمره حدَّث بجملة كثيرة من العلم، في غضون ذلك يسير أحاديث لم يجودها، ومثل هذا يقع لمالك ولشعبة ولوكيع ولكبار الثقات. (٤)

خامساً: - الحكم على الحديث:

مِنْ خلال ما سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "صَحيحٌ لذاته".

وقال الهيثمي: رواه أبو يعلى، والطبراني في "الأوسط"، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح.

وقال: رواه الطبراني في "الصغير"، ورجاله رجال الصحيح. (٥) قلتُ: بل فيه شريك بن عبد الله النَّخعيّ.

وذكره البوصيري في "الإتحاف" بإسناد أبي يعلي، وقال: هَذَا إِسْنَادٌ رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ. (٦)


(١) يُنظر: "شرح العلل" لابن رجب (٢/ ٦٠٤).
(٢) يُنظر: "شرح العلل" لابن رجب (٢/ ٤٨٧).
(٣) يُنظر: "سير أعلام النبلاء" (٦/ ٤٦).
(٤) يُنظر: "ميزان الاعتدال" (٤/ ٣٠٢).
(٥) يُنظر: "مجمع الزوائد" (٨/ ٥١).
(٦) يُنظر: "إتحاف الخيرة المهرة" برقم (٥٤٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>