للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّ ابْنَ آدَمَ سَأَلَ وَادِيًا مِنْ مَالٍ فَأُعْطِيَهُ، لَسَأَلَ ثَانِيًا، وَلَوْ سَأَلَ ثَانِيًا فَأُعْطِيَهُ، لَسَأَلَ ثَالِثًا، وَلا يَمْلأُ جَوْفَ ابْنِ آدَمَ إلا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللهُ عَلَى مَنْ تَابَ، وَإِنَّ ذَلِكَ الدِّينَ الْقَيِّمَ عِنْدَ اللهِ الْحَنِيفِيَّةُ، غَيْرُ الْمُشْرِكَةِ، وَلا الْيَهُودِيَّةِ، وَلا النَّصْرَانِيَّةِ، وَمَنْ يَفْعَلْ خَيْرًا، فَلَنْ يُكْفَرَهُ ".

وهذا لفظ رواية أحمد، والباقون بنحوه، والبعض بتقديمٍ وتأخير.

وقال الترمذي: هذا حديثٌ صحيح، وقد رُوِي من غير هذا الوجه. وقال الحاكم في الموضعيْن: هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه، وقال الذهبي: صحيح.

قلتُ: وعاصم بن أبي النَّجود، وإنْ كان صدوقاً، لكنَّه ثَبْتٌ حُجَّةٌ في القراءة.

[شواهد للحديث]

أخرجه البخاري، ومسلم في "صحيحيهما" من طريق قتادة، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ لأُبَيٍّ: «إِنَّ اللهَ أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْكَ»، قَالَ: آللَّهُ سَمَّانِي لَكَ؟ قَالَ: «اللهُ سَمَّاكَ لِي»، قَالَ: فَجَعَلَ أُبَيٌّ يَبْكِي. واللفظ لمسلم. (١)

وعليه فالحديث بمتابعاته، وشواهده يرتقي مِنْ "الضَعيف"، إلى "الصحيح لغيره".

رابعًا:- التعليق على الحديث:

_ قال القاسم بن سلام: المراد بالعرض على أُبَي ليتعلم أُبَي منه القراءة، ويتثبت فيها، وليكون عرض القرآن سنة؛ وللتنبيه على فضيلة أُبَي بن كعب، وتقدمه في حفظ القرآن، وليس المراد أن يستذكر منه النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا بذلك العرض.

_ قال الحافظ ابن حجر: ويؤخذ من هذا الحديث مشروعية التواضع في أخذ الإنسان العلم من أهله وإن كان دونه، وقال القرطبي: خَصَّ هذه السورة بالذكر لما اشتملت عليه من التوحيد والرسالة والإخلاص والصحف والكتب المنزلة على الأنبياء وذكر الصلاة والزكاة والمعاد وبيان أهل الجنة والنار مع وجازتها.

_ وقال ابن كثير في "تفسيره": وَإِنَّمَا قَرَأَ عَلَيْهِ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - هَذِهِ السُّورَة تَثْبِيتًا لَهُ وَزِيَادَة لِإِيمَانِهِ، واستدل على ذلك بما أخرجه مسلم عن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ، فَدَخَلَ رَجُلٌ يُصَلِّي، فَقَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ دَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ قِرَاءَةً سِوَى قَرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الصَّلَاةَ دَخَلْنَا جَمِيعًا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُلْتُ: إِنَّ هَذَا قَرَأَ قِرَاءَةً أَنْكَرْتُهَا عَلَيْهِ، وَدَخَلَ آخَرُ فَقَرَأَ سِوَى قِرَاءَةِ صَاحِبِهِ، فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَرَآ، فَحَسَّنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - شَأْنَهُمَا، فَسَقَطَ فِي نَفْسِي مِنَ التَّكْذِيبِ، وَلَا إِذْ كُنْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا قَدْ غَشِيَنِي، ضَرَبَ فِي صَدْرِي، فَفِضْتُ عَرَقًا وَكَأَنَّمَا أَنْظُرُ إِلَى اللهِ - عز وجل - فَرَقًا، فَقَالَ لِي: يَا أُبَيُّ أُرْسِلَ إِلَيَّ أَنِ اقْرَأِ الْقُرْآنَ عَلَى حَرْفٍ، فَرَدَدْتُ إِلَيْهِ أَنْ هَوِّنْ عَلَى أُمَّتِي، فَرَدَّ إِلَيَّ الثَّانِيَةَ اقْرَأْهُ


(١) أخرجه البخاري (٤٩٦٠ و ٤٩٦١) ك/التفسير، ب/سورة "لم يكن"، وبرقم (٣٨٠٩) ك/مناقب الأنصار، ب/مناقب أُبَيّ بن كعب. ومسلمٌ (٧٩٩/ ١ - ٤) ك/صلاة المسافرين، ب/استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل والحُذَّاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>