للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا لم تشفع له هديته، وأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالسلام.

• وأخرج الإمام أبو داود، بسندٍ صحيحٍ، من طريق رِبْعِيٍّ بن حراش، قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مَنْ بَنِي عَامِرٍ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي بَيْتٍ فَقَالَ: أَلِجُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِخَادِمِهِ: اخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الاِسْتِئْذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَدَخَلَ. (١)

• وأخرج الإمام أحمد، بسندٍ صحيحٍ، من طريق زيد بن أسلم، قال: أَرْسَلَنِي أَبِي إِلَى ابْنِ عُمَرَ فَقُلْتُ: أَأَدْخُلُ؟ فَعَرَفَ صَوْتِي، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ، إِذَا أَتَيْتَ إِلَى قَوْمٍ فَقُلِ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، فَإِنْ رَدُّوا عَلَيْكَ فَقُلْ: أَأَدْخُلُ؟ قَالَ: ثُمَّ رَأَى ابْنَهُ وَاقِدًا يَجُرُّ إِزَارَهُ فَقَالَ: ارْفَعْ إِزَارَكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: " مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ، لَمْ يَنْظُرِ اللهُ إِلَيْهِ ". (٢)

وعليه فالمتن بمجموع الشواهد يرتقي إلى "الصحيح لغيره"، والله أعلم.

رابعًا:- التعليق على الحديث:

- شرط الله مع هذه الأمة في دينهم أن يأمن بعضهم بعضاً، ويَسلم بعضهم من بعض، ولذلك سماهم مؤمنين ومسلمين، وعَلَّم الله آدم الأسماء كلها، والأسماء سمات الشيء، فكل اسم دليل على صاحبه، ومشتق من معناه، وكل أمة تَسَمَّت باسم من تلقاء نفسها، فقالت طائفة: نحن يهود، وقالت الأخرى: نحن نصارى، وقالت الأخرى: نحن الصابئون، فتولى الله تسمية هذه الأمة، فقال: {هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ} (٣)؛ فاقتضى منها وفاء هذا الاسم أن يأمن بعضهم بعضاً، ويسلم بعضهم من بعض، ولذلك قال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} (٤)، وقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} (٥)، لذا سنَّ لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - تحية السلام ليكون أمانًا لهم في الدم والعرض والمال، ونهاهم عن السؤال قبل السلام. (٦)

- وقال المناوي: السّنة أَن يبْدَأ بِهِ قبل الْكَلَام لأَن في الابْتِدَاء بِالسَّلَامِ إشعاراً بالسلامة وإيناساً لمن يخاطبه وتبركاً بِذكر الله، ومن ترك السلام قبل الكلام فلا تجيبوه على سبيل الندب، لإعراضه عن السنة. (٧)

- قلتُ: والحديث قد يتعارض في الظاهر مع قول الله - سبحانه وتعالى -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ


(١) أخرجه أبو داود في "سننه" (٥١٧٧، ٥١٧٨، ٥١٧٩) ك/الأدب، ب/كيف الاستئذان. وأحمد في "مسنده" (٢٣١٢٧) مطولًا، والنسائي في "الكبرى" (١٠٠٧٥) ك/عمل اليوم والليلة، ب/كيف يستأذن. وصححه الألباني في "الصحيحة" (٨١٩).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (٤٨٨٤).
(٣) سورة "الحج"، آية (٧٨).
(٤) سورة "الحجرات"، آية (١٠).
(٥) سورة "التوبة"، آية (٧١).
(٦) يُنظر: "نوادر الأصول" للحكيم الترمذي (٢/ ١٧٥).
(٧) يُنظر: "التيسير بشرح الجامع الصغير" (٢/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>