للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فلعلّ الإمام مسلم أخرجه في "صحيحه" إما لوقوفه على تصرّح أبي الزّبير، أو ما يقوم مقام ذلك من المتابعات أو الشواهد، المهم أنه أخرج الحديث في "صحيحه"، وهذا كافٍ لإثبات صحته عنده.

وعليه فالحديث بإخراج الإمام مُسلمٍ له في "صحيحه" يرتقي إلى "الصحيح لغيره"، والله أعلم.

[قلتُ - والله أعلم -: ويُضاف إلى ذلك قرينة أخرى، تدفع إعلال الحديث بعنعنة أبي الزُّبير عن جابر؛ وهي: إخراج ابن حبَّان لهذا الحديث في "صحيحه"، فإنَّه قد اشترط في "صحيحه" عدم قبول خبر المُدَلِّس إذا لم يُبَيِّن السماع فيه وإن كان ثِقَةً، فقال - مُبَيِّنًا صحة سَمَاع المُدَلِّس، أو ما يقوم مقام السماع إذا ما أخرج له في "صحيحه" بالعنعنة -: إذا صَحَّ عندي خَبَرٌ مِنْ رواية مُدَلِّس أنه بَيَّن السماع فيه، لا أُبالي أن أذكره من غير بَيَانِ السَّمَاع في خَبَرِه بعد صحته عندي من طريق آخر. (١)] [*]

رابعًا:- النظر في كلام المصنف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المصنف - رضي الله عنه -: لم يروِه عن المُثَنَّى بن الصَّبَّاح إلا الحسن بن حبيب.

قلتُ - والله أعلم -: ومِمَّا سبق في التخريج يَتَّضح صحة ما قاله المُصَنِّف - رضي الله عنه -.

خامسًا:- التعليق على الحديث:

يُرغّب النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه، والأمة من بعدهم إلى ما فيه مصلحة لهم، وحفاظًا على صحتهم، وعدم تعرُّضهم إلى ما يؤذيهم في النفس والبدن.

قال القاضي عياض: الحديث يَدُلُّ على تَرْغِيبِ اللُّبْسِ للنِّعَالِ، ولأنَّها قد تقيه الحرَّ والبَرْدَ والنَّجاسة.

وقال النَّوَوِيُّ: أي إنَّه شبيهٌ بالرَّاكب في خفَّة المشقَّة، وقلّة التَّعب، وسلامة الرِّجْلِ مِنْ أذى الطَّرِيق.

وقال القُرْطُبِيُّ: هذا كلامٌ بَلِيغٌ، ولفظ فَصِيحٌ بحيثُ لا يُنْسَجُ على مِنْوَالِهِ، ولا يُؤْتَى بمثاله، وهو إرْشَادٌ إلى المصلحة، وتَنْبِيهٌ على ما يُخَفِّفُ المشقَة، فإنَّ الحافي المُدِيمَ للمَشْيِ، يلقَى مِنْ الآلَامِ والمشَقَّةِ، وغيره ما يَقْطَعُهُ عن المشيِ، ويمنعه مِنْ الوُصُولِ إلى مقصُودِهِ، بخلافِ المُنْتَعِلِ فإنَّهُ لا يَمْنَعُهُ مِنْ إدامة المشيِ فيصلُ إلى مَقْصُودِهِ كالرَّاكِبِ؛ فلذلك يُشَبّههُ به. (٢)

* * *


(١) يُنظر: "مقدمة صحيح ابن حبَّان" (١/ ١٦٢/ الإحسان).
(٢) يُنظر التعليق على الحديث: "فتح الباري" ١٠/ ٣٠٩، "شرح النووي على مسلم" ١٤/ ٧٣، "عون المعبود" ١١/ ١٣٠، "فيض القدير" ١/ ٤٩٩، "غذاء الألباب شرح منظومة الآداب" ٢/ ٢٦٦.

[*] قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: ما بين المعكوفين ثابت في الأصل الإلكتروني المرسل إلينا من الباحث وفقه الله، وليس في الملف المصور

<<  <  ج: ص:  >  >>