صَحَبَتَهُمْ فَأَحْسَنْتَ صُحْبَتَهُمْ، وَلَئِنْ فَارَقْتَهُمْ لَتُفَارِقَنَّهُمْ وَهُمْ عَنْكَ رَاضُونَ، قَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ مِنْ صُحْبَةِ أَبِي بَكْرٍ وَرِضَاهُ، فَإِنَّمَا ذَاكَ مَنٌّ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ مَنَّ بِهِ عَلَيَّ، وَأَمَّا مَا تَرَى مِنْ جَزَعِي فَهُوَ مِنْ أَجْلِكَ وَأَجْلِ أَصْحَابِكَ، وَاللَّهِ لَوْ أَنَّ لِي طِلَاعَ الأَرْضِ ذَهَبًا لَافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ - عز وجل -، قَبْلَ أَنْ أَرَاهُ.
• وأخرجه البخاري في "صحيحه" (٣٦٨٤) ك/المناقب، ب/مَنَاقِبِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ - رضي الله عنه -، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا قَيْسٌ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: مَازِلْنَا أَعِزَّةً مُنْذُ أَسْلَمَ عُمَرُ.
ثانيًا: - دراسة الإسناد:
١) أحمد بن القاسم بن مُسَاوِر، الجَوْهَرِيُّ: "ثِقَةٌ"، تَقَدَّم في الحديث رقم (١٠١).
٢) سَعِيدُ بن سُلَيْمان الضَّبِّيُّ، أبو عُثْمَان الواسطيُّ: "ثِقَةٌ مأمونٌ"، تَقَدَّم في الحديث رقم (١٠٣).
٣) مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، أَبُو فَضَالَةَ الْقُرَشِيُّ، الْعَدَوِيُّ، الْبَصْرِيُّ.
روى عن: الحسن البصريّ، وعُبيد الله بن عُمر، وثابت البُنانيّ، وحُميد الطويل، وآخرين.
روى عنه: سَعيد بن سُليمان، وعبد الله بن المبارك، ووكيعٌ بن الجَرَّاح، وآخرون.
حاله: قال عَفَّان، وابن معين: ثِقَةٌ. وقال أحمد: ما روى عن الحسن يُحتجُّ به. وَقَالَ مُبَارَكٌ: جَالَسْتُ الْحَسَنَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً. وقال العِجْليُّ: لا بأس به. وقال البزار: ليس به بأس. وقال ابن عدي: عامة أحاديثه أرجو أن تكون مستقيمة. وقال الذهبي: حسن الحديث، ومن أوعية العلم. وَقَال ابن حجر: صَدُوقٌ يُدَلِّس ويُسَوي. واستشهد به البخاري في "الصحيح"، وروى له في "الأدب"، ولم يَذْكُرْهُ البُخاريُّ في كتاب "الضُّعَفَاءِ". وروى له أبو داود، والتِّرْمِذِيّ، وابن ماجه.
- وقال ابن معين، والنَّسائيُّ: ضَعيفٌ. وذكره ابن حبَّان في "الثقات"، وقال: كان يُخطئ. وفي "المشاهير": ردئ الحفظ. وقال الدَّارقُطنيّ: لَيِّنٌ، كثير الخطأ، يُعتبر به.
- وقال عليّ بن المديني: عنده أحاديث مناكير عن عُبَيْد الله وغيره.
- وقال أحمد: كان المبارك يُدَلِّس. وقال ابن مهدي: كنًّا نَتَّبِع مِنْ حديثه ما قال فيه حدَّثنا الحسن. وقال أبو زُرعة: يُدَلِّس كثيرًا، فإذا قال: حدَّثنا فهو ثِقَةٌ. وقال أبو دَاوُد: كان شديد التَدْلِيس، فإذا قال: حدَّثنا فهو ثَبْتٌ. وذكره ابن حجر في المرتبة الثالثة مِنْ مراتب الموصوفين بالتدليس.
- فالحاصل: أنَّه "صَدُوقٌ، يُدَلِّسُ"، والله أعلم. (١)
٤) عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَبُو عُثْمَانَ الْعَدَوِيُّ الْعُمَرِيُّ الْمَدَنِيُّ.
روى عن: نافع مولى ابن عُمر، وسالم بن عبد الله بن عُمر، وثابت البُنَانيّ، وآخرين.
روى عنه: مُبَارك بن فَضَالة، وعبد الله بن المبارك، والليث بن سعد، والنَّاس.
(١) يُنظر: "الثقات" للعجليّ ٢/ ٢٦٣، "الجرح والتعديل" ٨/ ٣٣٨، "الثقات" ٧/ ٥٠١، "الكامل" ٨/ ٢٦، "تاريخ بغداد" ١٥/ ٢٧٩، "التهذيب" ٢٧/ ١٨٠، "السير" ٧/ ٢٨٤، "طبقات المدلسين" (ص/٤٣)، "التقريب" (٦٤٦٤). وقد أطال د/ حاتم بن عارف العوني في ترجمته في كتابه: "المرسل الخفي وعلاقته بالتدليس" (ص/٣٤٢ - ٣٦٥)، وبَيَّن أنَّه: "صَدُوقٌ يُدَلِّس"، فلا بد أن يُصَرِّح بالسَّمَاع، إلا إذا روى عن الحسن البصري، فإذا عنعن عنه فحديثه حسَنٌ، وإذا صَرَّح بالسَّماع منه فحديثه صحيحٌ؛ لطول ملازمته للحسن البصري، فقد لازمه ثلاث عشرة سنة، ولم يصح وصفه بالتسويه، ولم يصفه بذلك إلا الحافظ ابن حجر.