للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تَركتُه. وقال البيهقي: ورُوِّينا عن شعبة، أنه قال: "كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش وأبو إسحاق وقتادة". (١) وقال ابن حجر: وهي قاعدة حسنة تقبل بها أحاديث هؤلاء إذا كان عن شعبة ولو عنعنوها. (٢) وفي "الفتح": وَرِوَايَةُ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ مَأْمُونٌ فِيهَا مِنْ تَدْلِيسِ قَتَادَةَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَسْمَعُ مِنْهُ إِلَّا مَا سَمِعَهُ. (٣)

- وَصْفُه بالإرسال: وعَنْ سفيان بن عُيَيْنَة، قال: كان قتادة يقص بصحيفة جابر، وكان كتبها عَنْ سُلَيْمان اليَشْكُري. وَقَال عَلِيّ بْن المديني: سمعت يَحْيَى بْن سَعِيد، يقول: قال سُلَيْمان التَّيْمِيّ: ذهبوا بصحيفة جابر إلى قتادة فرواها، أو قال: فأخذها. وقال البخاري: سليمان اليَشْكُري يُقال أنَّه مات في حياة جابر بن عبد الله، ولم يسمع منه قتادة ولا أبو بشر، وإنما يُحدِّث عن صحيفة اليَشْكُري.

وقَال الآجري، عَن أَبِي داود: حدث عن ثلاثين رجلا لم يسمع منهم، قيل: سمع من أبي سلمة؟ قال: لا. وقال العلائي: كثير الإرسال، وقال أيضاً: قال الإمام أحمد بن حنبل: ما أعلم قتادة سمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا من أنس بن مالك. (٤)

فالحاصل: أنَّه ثِقَةٌ ثَبتٌ فاضلٌ، كان يُدَلِس، ويُرسل كثيراً. لكن ينبغي التنبيه هنا على عِدَّة أمور، وهى:

أ ينبغي قبل إعلال الحديث بعنعنة قتادة، التأكد هل سَمِع قتادة من الشيخ الذي يَروي عنه أم لا، فإن كان لم يَسْمَعْ منه فلا تُعل روايته عنه بالتدليس، بل تُعلُّ بالانقطاع.

ب إذا كان الراوي عنه شُعبة؛ فلا يُتوقّف في عنعنته لما سبق بيانه.

ت إذا كان شيخه ممَّن أَكْثَرَ الرواية عنه، وكَثُرَت ملازمته له كأنس بن مالك، والحسن البصري - كما سبق ذكره - فلا يُتوقف كذلك في عنعنته عنهم، ولا تُردّ إلا بقرينةٍ. (٥)

٦) أنس بن مالك: "صحابيٌّ، جليلٌ، مُكثرٌ"، تَقدَّم في الحديث رقم (١٠).

ثالثاً: - الحكم على الحديث:

مِمَّا سبق يَتضح أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "صحيحٌ لذاته"، والحديث أخرجه البخاري، ومسلمٌ في "صحيحيهما"، وهذا كافٍ لإثبات صِحته.

• وأمَّا كون راويه قتادة، وهو "مُدلسٌ"، وقد رواه بالعنعنة، فهذا لا يَضُره البتة؛ لما يأتي:

أ إخراج البخاري، ومسلم له في "صحيحيهما"، مِن طريق قتادة، عن أنس.


(١) يُنظر: "معرفة السنن والآثار" (١/ ٨٦).
(٢) يُنظر: "النكت على كتاب ابن الصلاح" ٢/ ٦٣٠ - ٦٣١.
(٣) يُنظر: "فتح الباري" (١/ ٥٩).
(٤) يُنظر: "التاريخ الكبير" ٧/ ١٨٥، "الثقات" للعِجْلي ٢/ ٢١٥، "الجرح والتعديل" ٧/ ١٣٣، "الثقات" لابن حبَّان ٥/ ٣٢١، "تهذيب الكمال" ٢٣/ ٤٩٨، "تاريخ الإسلام" ٣/ ٣٠١، "السير" ٥/ ٢٦٩، "جامع التحصيل" (ص/١٠٨ و ١١٣ و ٢٥٤)، "المدلسين" لأبي زرعة العراقي (ص/٩٧)، "التبيين لأسماء المدلسين" للحلبي (ص/٤٦)، "تهذيب التهذيب" ٨/ ٣٥١، "تعريف اهل التقديس" (ص/٤٣)، "، "التقريب" (٥٥١٨)، "معجم المدلسين" (ص/٣٦٨ - ٣٨١).
(٥) نقل صاحب "معجم المدلسين" (ص/٣٨١) نحوًا من هذا عن الشيخ/ محمد عَمرو بن عبد اللطيف رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>