للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ: فَمَا سِعَةُ حَوْضِكَ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ: " كَمَا بَيْنَ عَدَنَ إِلَى عُمَانَ، وَأَوْسَعَ، وَأَوْسَعَ "، يُشِيرُ بِيَدِهِ. قَالَ: " فِيهِ مَثْعَبَانِ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ ". قَالَ: فَمَا حَوْضُكَ يَا نَبِيَّ اللهِ؟ قَالَ: " مَاءٌ أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مَذَاقَةً مِنَ الْعَسَلِ، وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنَ الْمِسْكِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهُ لَمْ يَظْمَأْ بَعْدَهَا، وَلَمْ يَسْوَدَّ وَجْهُهُ أَبَدًا ". (١)

• وأما قول سيدنا عمر - رضي الله عنه -: " إنَّ السبعينَ الأُولَى ليشَفِّعُهُم الله في آبائِهم، وأبنائِهم، وعَشَائِرهم، وأرجو أَنْ يَجْعَلَني اللهُ في إحدى الحَثَيَاتِ الأواخر"، فهذا من الموقوف الذي له حكم الرفع؛ لأنه مما لا يُقال فيه مِنْ قِبَل الرأي والاجتهاد.

وقد أخرجه ابن حبان - كما بيَّناه في التخريج - من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ السَّبْعِينَ أَلْفًا الأُوَلَ يُشَفِّعُهُمُ اللَّهُ فِي آبَائِهِمْ وَأُمَّهَاتِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ، وَأَرْجُو أَنْ يجعل أمتي أدنى الحثوات الأواخر"، ولم أقف - على حد بحثي - على ما يشهد له، فيبقى على حسنه - والله أعلم -.

• وأمَّا جُزْئه الثالث، فأمر الشجرة، يَشْهد له ما أخرجه البخاري، ومسلم في "صحيحيهما"، من حديث سَهْل بْنِ سَعْدٍ، أنَّ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً، يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ، لا يَقْطَعُهَا". (٢)

ويَشهد لتسميتها بطوبى، ما أخرجه أحمد في "مسنده" من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رضي الله عنه -، عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّ رَجُلًا قَالَ لَهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، طُوبَى لِمَنْ رَآكَ، وَآمَنَ بِكَ، قَالَ: " طُوبَى لِمَنْ رَآنِي وَآمَنَ بِي، ثُمَّ طُوبَى، ثُمَّ طُوبَى، ثُمَّ طُوبَى لِمَنْ آمَنَ بِي، وَلَمْ يَرَنِي "، قَالَ لَهُ رَجُلٌ: وَمَا طُوبَى؟ قَالَ: " شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ مَسِيرَةُ مِائَةِ عَامٍ، ثِيَابُ أَهْلِ الْجَنَّةِ تَخْرُجُ مِنْ أَكْمَامِهَا " (٣)، وسنده ضعيف، فيه دَرَّاج أبو السَّمح، روايته عن أبي الهيثم سليمان بن عمرو فيها ضعفٌ (٤)، ومدار الحديث عليه.

خامساً: ـ النظر في كلام المصنف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -: لا يُروى هذا الحديثُ عن عُتْبَة بن عَبْدٍ إلا من حديث زيد بن سلَّام، ولا رواه عن زيد إلا معاوية بن سلَّام، ويحيى بنُ أبي كثير.

قلتُ: مما سبق تبين أنَّ الحديث قد جاء من رواية عُتْبة بن عَبْدٍ، من طريقين، وهما:

الأول: ـ من طريق زيد بن سلَّام، عن أبي سلَّام، عن عامر بن زيد، عن عُتْبَة بن عَبْدٍ.

ولم يَروه عن زيد بن سلَّام إلا معاوية بن سلَّام.


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" برقم (٢٢١٥٦).
(٢) أخرجه البخاري (٦٥٥٢)، ك/الرقاق، ب/صفة الجنة والنار، وأيضاً ك/التفسير برقم (٤٨٨١)، وك/ بدء الخلق برقم (٣٢٥١)، ومسلم (٢٨٢٧)، ك/الجنة، وصفة نعيمها، ب/إن فِي الجنة لشجرة، يسير الراكب فِي ظلها مائة عام، لا يقطعها.
(٣) أخرجه أحمد في "مسنده" برقم (١١٦٧٣).
(٤) يُنظر: "تهذيب الكمال"٨/ ٤٧٧، "الميزان"٢/ ٢٤، "التقريب، وتحريره" ترجمة/١٨٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>