للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والثاني: ـ من طريق معمر، عن يحيى بن أبي كثير، عن عامر بن زيد، عن عُتْبَة.

وبهذا يتضح أنَّ الحديث عن عُتْبة، قد جاء من طريق زيد بن سَلَّام، ويحيى بن أبي كثير، ولم يروه عن زيد، إلا معاوية بن سَلَّام، وليس كما قال الإمام الطبراني - رضي الله عنه -؛ إلا أنْ يُحمل هذا الحديث على أن يحيى بن أبي كثير قد سمعه من زيد بن سَلَّام، ودلَّسَه، أو أَرسَله عن عامر بن زيد، وأنَّ الطبراني قد اطلع على ما يَدُل على ذلك من الروايات - مما لم نَطَّلِع عليه نحن -، وبالبحث لم أجد رواية صرَّح فيها يحيى بن أبي كثير بسماعه من عامر بن زيد، ويحيى معروف بأنه كثير الإرسال - كما سبق -.

وقال الألباني - رحمه الله -: فإمَّا أن يُقال أن يحيى بن أبي كثير، إنما رواه عنه - أي عن عامر بن زيد -، بواسطة أبي سلام - والراجح أنه لم يسمع من أبي سلام، فلعَلَّه سمعه من زيد عنه كما ذكرتُه -، وإمَّا أن يُقال إنَّه شارك أبا سلام في الرواية عنه؛ والأول هو الأقرب لأن يحيى قد رُمي بالتدليس. (١)

سادساً: ـ التعليق على الحديث:

_ كان الصحابة - رضي الله عنهم - من أشد الناس حرصاً على اتباع أوامر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلقد نهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن السؤال، فامتثلوا له؛ ومع ذلك فلشدة حرصهم على التَعَلُّم، كان يُعْجبهم أنْ يأتي الرجل من البادية - لعدم علمه بالنهي- فيسألُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فيسمعون، ويتعلَّمون، ويستفيدون، فقد أخرج الإمام مُسلم في "صحيحه" من حديث أنسِ بن مالك - رضي الله عنه - قال: " نُهِينَا أَنْ نَسْأَلَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ شَيْءٍ، فَكَانَ يُعْجِبُنَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ، الْعَاقِلُ، فَيَسْأَلَهُ، وَنَحْنُ نَسْمَعُ، … " (٢)، وفي حديث الباب يأتي هذا الأعرابي العاقل، فيسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الأمور العظيمة، في السؤال عن وصف الجنة، عن حوضها، وشجرها، وفاكهتها، جعلنا الله - عز وجل - من أهلها، وأظلنا الله - جل جلاله - بشجرها، وأطعمنا الله - جل جلاله - من فاكهتها، وجعلنا الله من أهل الزيادة، آمين يا رب العالمين.

_ وقد صَحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث كثيرة في وصف الحوض، نذكر منها على سبيل المثال: ما أخرجه البخاري، ومسلم في "صحيحيهما" من حديث عبدِ اللَّهِ بن عَمْرو - رضي الله عنه -، أنَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "حَوْضِي مَسِيرَةُ شَهْرٍ، مَاؤُهُ أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ المِسْكِ، وَكِيزَانُهُ كَنُجُومِ السَّمَاءِ، مَنْ شَرِبَ مِنْهَا فَلَا يَظْمَأُ أَبَدًا" (٣)، وعندهما أيضاً من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّ قَدْرَ حَوْضِي كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ اليَمَنِ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأَبَارِيقِ كَعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ" (٤)، فاللهم أوردنا حوضه، واسقنا من يده الشريفة، شربة لا نظمأ بعدها أبداً، آمين.


(١) يُنظر: "ظلال الجنة" حديث برقم (٧١٦).
(٢) أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" (١٢)، ك/ الإيمان، ب/ السؤال عن أركان الإسلام.
(٣) أخرجه البخاري (٦٥٧٩)، ك/ الرقاق، ب/ في الحوض، ومسلم (٢٢٩٢)، ك/ الفضائل، ب/ إثبات حوض نبينا - صلى الله عليه وسلم -.
(٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٦٥٨٠)، ك/ الرقاق، ب/ في الحوض، ومسلم في "صحيحه" (٤٠٠)، ك/ الصلاة، ب/حجة من قال البسملة آية أول كل سورة، سوى براءة.

<<  <  ج: ص:  >  >>