للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- قال القاضي عياض: أحاديث الحوض صحيحة، والإيمان به فرض، والتصديق به من الإيمان، وهو على ظاهره عند أهل السنة والجماعة، لا يُتأول، ولا يُختلف فيه، قال: وحديثه متواتر النقل؛ رواه خلائق من الصحابة، فذكره مسلم من رواية ابن عُمر، وأبي سعيد، وسَهْل بن سَعْد، وجُنْدَب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعائشة، وأم سلمة، وعقبة بن عامر، وابن مسعود، وحذيفة، وحارثة بن وهب، والمستورد، وأبي ذر، وثوبان، وأنس، وجابر بن سمرة - رضي الله عنهم -، ورواه غير مسلم من رواية أبي بكر الصديق، وزيد بن أرقم، وأبي أمامة، وعبد الله بن زيد، وأبي برزة، وسويد بن جبلة، وعبد الله بن الصنابحي، والبراء بن عازب، وأسماء بنت أبي بكر، وخولة بنت قيس، وغيرهم، قلت - النووي -: ورواه البخاري، ومسلم من رواية أبي هريرة، ورواه غيرهما من رواية عمر بن الخطاب، وعائذ بن عمرو، وآخرين، وقد جمع ذلك كله الإمام أبو بكر البيهقي في "البعث والنشور" بأسانيده، وطرقه المتكاثرات؛ قال القاضي: وفي بعض هذ ما يقتضي كون الحديث متواترًا. (١)

_ ويُبين النبي - صلى الله عليه وسلم - فضلَ الله - عز وجل - على عباده، ورحمته بهم، بأن يُدخل سبعون ألفاَ الجنة بغير حساب ولا عذاب، ويصف النبي - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء فيما أخرجه البخاري، ومسلم من حديث أَبي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "يَدْخُلُ الجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي زُمْرَةٌ، هُمْ سَبْعُونَ أَلْفًا، تُضِيءُ وُجُوهُهُمْ إِضَاءَةَ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ" (٢)، بل ويفيض فضل ربنا - عز وجل -، فيشْفُع كل ألفٍ لسبعين ألفٍ، ثم يَحْثِ ربي - عز وجل - بِكفيه ثلاث حَثَيات، فالله أكبر، ولله الحمد. (٣)

_ وبعد ذلك يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض ما في الجنة من شجر، وفاكهة، وليس في الدنيا من نعيم الجنة، إلا الاسم والشبه فقط، دون حقيقتها، وحقيقة التنعّم، والتلذذ بها، ويدل عليه ما أخرجه البخاري، ومسلم - واللفظ لمسلم -، من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " يَقُولُ اللهُ - عز وجل -: أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ، مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، ذُخْرًا بَلْه مَا أَطْلَعَكُمُ اللهُ عَلَيْهِ "، ثُمَّ قَرَأَ {فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} (٤). والحمد لله رب العالمين، على ما منَّ به وأنعم.

* * *


(١) يُنظر: "المنهاج على شرح صحيح مسلم" (١٥/ ٥٣).
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٦٥٤٢)، ك/ الرقاق، ب/ يَدْخل الجنة سبعون ألفاً، بغير حساب، ومسلم في "صحيحه" (٢١٦/ ٣)، ك/ الإيمان، ب/ الدليل على دُخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب.
(٣) يُنظر: "فتح الباري" (١١/ ٤٠٦ - ٤١٤)، وسبق كلام الإمام المباركفوري، وابن القيم في التعليق علي متن الحديث.
(٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٣٢٤٤)، ك/ بدء الخلق، ب/ ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، وبرقم (٤٧٧٩) و (٤٧٨٠)، ك/التفسير، ب/قوله تعالى " فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ"، وبرقم (٧٤٩٨) ك/التفسير، ب/قوله تعالى "يريدون أن يبدلوا كلام الله"، ومسلم في "صحيحه" (٢٨٢٤/ ٤)، ك/ الجنة وصفة نعيمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>