للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "صحيحٌ لذاته".

وأخرجه مُسْلمٌ في "صحيحه" عن عَمرو بن محمد النَّاقد. وهو مُتَّفقٌ عليه مِنْ طريق عَمْرة، عن عائشة.

وقال الإمام الذهبي: هذا الباب متواتر المتن عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. (١)

شواهد للحديث:

• والحديث أخرجه البخاري في "صحيحه" (٦٠١٥)، ك/الأدب، ب/الوصاة بالجار، ومُسْلمٌ في "صحيحه" (٢٦٢٥)، ك/البر والصلة، ب/الوصية بالجار والإحسان إليه، مِنْ حديث ابن عُمَرَ، قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ، حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ».

رابعاً: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّفُ - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن هِشَامٍ إلا ابنُ أبي حَازِمٍ.

قلتُ: مِمَّا سبق في التخريج يَتَبَيَّن صحة ما قاله المُصَنِّفُ - رضي الله عنه -.

خامساً: - التعليق على الحديث:

في هذا الحديث الوصية بالجار، وبيان عظم حقه، وفضيلة الإحسان إليه. (٢)

قال ابن بطال: الحديث فيه الأمر بحفظ الجار، والإحسان إليه، والقيام بحقوقه، ألا ترى تأكيد الله - جل جلاله - لذكره بعد الوالدين والأقربين، فقال تعالى: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} (٣)، وقال أهل التفسير:{وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى} هو الذى بينك وبينه قرابة، فله حق القرابة وحق الجوار، وعن ابن عباس، وغيره: أي: الجار المجاور، وقيل: هو الجار المسلم؛ والجار الجنب: الغريب، وقيل: هو الذى لا قرابة بينك وبينه. (٤)

وقال الذهبي: ويفهم مِنْ الحديث تعظيم حق الجار من الإحسان إليه، وإكرامه، وعدم الأذى له، وإنَّما جاء الحديث في هذا الأسلوب؛ للمبالغة في حفظ حقوق الجار، وعدم الإساءة إليه، حيث أنزله الرسول - صلى الله عليه وسلم - منزلة الوارث تعظيماً لحقه، ووجوب الإحسان إليه، وعدم الإساءة إليه بأي نوع من أنواع الأذى. (٥)

قال الطحاوي: فتأمَّلنا هذا الحديث لنقف على المعنى الذي به ظنَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ جبريل - عليه السلام - سَيُوَرِّثُ به الجار، فوجدنا النَّاس قد كانوا في أَوَّلِ الإسلام يَتَوَارَثُونَ بالتَّبَنِّي، فكان مَنْ تَبَنَّى رَجُلًا وَرِثَهُ دُونَ النَّاس، كما تَبَنَّى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - زيدَ بن حارثة، وكما تَبَنَّى أبو حُذَيْفَةَ سَالِمًا، ثمَّ رَدَّ اللهُ - عز وجل - ذلك بقوله تعالى:


(١) يُنظر: "حق الجار" للإمام الذهبي (ص/٢٤).
(٢) يُنظر: "المنهاج شرح صحيح مُسْلمٌ بن الحجاج" (١٦/ ١٧٦).
(٣) سورة "النساء"، آية (٣٦).
(٤) يُنظر: "شرح صحيح البخاري" لابن بطال (٩/ ٢٢١).
(٥) يُنظر: "حق الجار" للإمام الذهبي (ص/٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>