للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلتُ: وقد تابعه مُعْتَمر بن سليمان - وإسناده صَحيحٌ -، وعبد الله بن المبارك - وإسناده حسنٌ -، كما سبق ذكرها في التخريج. وعليه فالحديث بمتابعاته يرتقي إلى "الصحيح لغيره"، والله أعلم.

رابعًا:- النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه -، على الحديث:

قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -: لم يَرو هذا الحديث عن سليمان التّيْمِي إلا عيسى بن يونس.

قلتُ: نقَل الضياء المقدسي في "المختارة": كلام الإمام الطبراني - رضي الله عنه -؛ ونقل أيضًا عن الدارقطني، أنَّه قال: تفرّد به مُعْتَمر، عن أبيه. وتعقبهما بقوله: بَانَ برواية مُعتمر، عن أبيه؛ أنه لم يتفرّد به عيسى بن يونس؛ وبَانَ برواية عيسى أنه لم يتفرّد به مُعتمر. (١)

وتعقّبه الشيخ/الحويني: بمتابعة عبد الله بن المبارك، ومعتمر بن سليمان، ونقل كلام الضياء المقدسي. (٢)

قلتُ: سبق ذكر هذه المتابعات، وبيان الحكم عليها، وبالتالي فلا يُسَلَّم للإمام الطبراني في القول بالتَّفرد.

خامسًا:- التعليق على الحديث:

- جعل الله - عز وجل - الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر من خصائص هذه الأمة، قال الله - عز وجل -: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (١١٠)}. (٣)

- وحثّ الله - عز وجل - على الدعوة إليه، وبيّن فضل القائمين بهذه المهمة، فقال - عز وجل -: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٣)} (٤)، لمّا تلا الحسنُ هذه الآية، قال: هذا حبيب الله، هذا وليّ الله، هذا صفوة الله، هذا خِيرة الله، هذا أحبّ أهل الأرض إلى الله، أجاب اللهَ في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب فيه من دعوتِه، وعمل صالحًا في إجابته، وقال: {إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}. (٥)

- وفي المقابل نجدُ النبيَ - صلى الله عليه وسلم - ينقل لنا صورةً ينخلع لها القلب، ويطير منها الفؤاد!! صورةً رآها النبيُ - صلى الله عليه وسلم - حين أُسري به، رأى رجالا تُقطّع ألسنتهم بمقاريض من نار؛ فيَسألُ جبريلَ: مَن هؤلاء؟! فتكون المفاجأة: إنهم خطباء أمتك، لكنهم كانوا يأمرون الناس بما لا يفعلون، فاللهم سلّم سلّم.


(١) يُنظر: "المُختارة" للضياء المقدسي (٢١٦١).
(٢) يُنظر: "تنبيه الهاجد" (٣٩).
(٣) سورة "آل عمران"، آية (١١٠).
(٤) سورة "فصلت"، آية (٣٣).
(٥) أخرجه ابن المبارك في "الزهد" (١٤٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>