للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ب دراسة إسناد الوجه الثالث (إسناد ابن ماجه):

١) مُحَمَّد بن بَشَّار، بُنْدَار: "ثِقَةٌ". (١)

٢) عبد الرحمن بن مَهْدي: "ثِقَةٌ ثَبْتٌ حافظٌ، عارفٌ بالرجال والحديث". (٢)

رابعاً: - النظر في الخلاف على هذا الحديث:

مِن خلال ما سبق يَتَبيَّن أنَّ الحديث مَدَاره على سُفيان الثوري، وقد اختلف عنه مِن ثلاثة أوجهٍ:

الوجه الأول: الثوري، عن علي بن بَذِيمَة، عن أبي عُبيدة، عن عبد الله بن مَسْعود.

وهذا الوجه هو رواية الجماعة عنه، خاصةً وفيهم عبد الرَّزَّاق، وابن المبارك، وعُبيد الله الأشجعي، وغيرهم، وهؤلاء الثلاثة مِن أصحاب الثوري ومِنَ المُقَدَّمين فيه. (٣)

بل وتُوبع سُفيان على رواية هذا الوجه، تابعه جماعة مِن الثِّقات كما سبق في التخريج.

الوجه الثاني: الثوري، عن علي بن بَذِيمَة، عن أبي عُبيدة، عن مَسْروقٍ، عن ابن مَسْعود.

بينما لم يَرْوه عن سُفْيان بهذا الوجه إلا مُؤَمَّل بن إسماعيل، وهو "ضَعيفٌ"، ولم يُتابع عليه، لذا وهَّمَه الدَّارقطني في هذا الحديث في موضعين مِن "العلل" كما سبق بيانه.

الوجه الثالث: الثوري، عن علي بن بَذِيمَة، عن أبي عُبيدة، مُرْسلاً.

ورواه عن الثوري بهذا الوجه إمامان جبلان في الثوري وهما عبد الرحمن بن مَهْدي، ووكيعٌ بن الجَرَّاح، ولم يخْتلف أحدٌ على أنَّهما مِن أثبت النَّاس في الثوري. (٤) وتابعهما محمد بن يوسف الفريابي عن سُفيان، إلا أنَّ الإسناد إليه فيه ضَعْفٌ.

ولذلك رجَّح الإمام الدَّارقطني هذا الوجه في "العلل"، فقال: والمُرْسل أصحُّ مِن المُتَّصِل. (٥)

وأمَّا ما نقله الإمام الترمذي عن يَزيد بن هارون، أنَّه قال: كان سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لا يقول فيه عن عَبْدِ اللَّهِ. فيُحْتمل أنْ يكون هذا باعتبار عِلْمه وما اطَّلع عليه، (٦) لذا أعقب الترمذي قوله بذكر الحديث عن الثوري بالوجهين الموصول، والمرسل، والله أعلم.

قلتُ: فلعلَّ الحمل في هذا الحديث على الثوري، فنشط أحياناً فوصله، وقَصَّر مَرَّة فأرسله، وعليه فلا


(١) يُنظر: "التقريب" (٥٧٥٤).
(٢) يُنظر: "التقريب" (٤٠١٨).
(٣) يُنظر: "شرح علل الترمذي" لابن رجب الحنبلي ٢/ ٥٣٨ - ٥٤٥.
(٤) يُنظر: "شرح علل الترمذي" لابن رجب الحنبلي ٢/ ٥٣٨ - ٥٤٥.
(٥) يُنظر: "العلل" للدَّارقطني (٥/ ٢٥٣/مسألة ٨٦٢).
(٦) ولا يَعِيبه ذلك رحمه الله، فهو الإمام الثقة المتقن المُحدِّث، لكن خفي عليه بعض العلم، كما خفي على مَن هو أفضل مِنْه أبو بكر وعُمر وأمثالهما، ولم يكن ذلك مِن مثالبهما رضوان الله عليهم، وفوق كل ذي علمٍ عليم، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>