للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْخُدْرِيِّ: أَنَّ أُنَاسًا مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، … الحديث، وفيه: وَقَالَ نَبِيُّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لأَشَجِّ عَبْدِ الْقَيْسِ: " إِنَّ فِيكَ لَخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ ".

• وأخرج الترمذي في "سننه" (٣١٤٤)، ك/التفسير، ب/سورة بني إسرائيل، مِنْ حديث صَفْوان بن عَسَّال، في قصة سؤال اليهود للنَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وفيه: فَقَبَّلا يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَقَالا: نَشْهَدُ أَنَّكَ نَبِيٌّ. وقال الترمذي: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ.

• وعند أبي داود في "سننه" (٥٢٢٣)، ك/الأدب، ب/قُبْلة اليد، مِنْ طريق يَزِيد بن أبي زِيَادٍ، أَنَّ عبد الرَّحمن بن أبي لَيْلَى، حدَّثه أَنَّ عبد اللَّهِ بن عُمَرَ، حدَّثه، وذكر قِصَّةً، وفيه: «فَدَنَوْنَا يَعْنِي مِنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَبَّلْنَا يَدَهُ». (١)

• وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" (٩٧٦)، عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا يُقَبِّلُ يَدَ الْعَبَّاسِ وَرِجْلَيْهِ.

وبالجملة فتقبيل اليد، والرِّجْل ثبت فعله مع النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، وفَعَلَه بعض السلف مع بعضهم البعض. (٢)

وعليه؛ فالحديث بشواهده يرتقي إلى "الصحيح لغيره"، والله أعلم.

خامساً:- النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّفُ - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن أُمِّ أَبَانَ إلا مَطَرُ بن عبد الرَّحْمَنِ.

قلتُ: ومِمَّا سبق يَتَّضح صحة ما قاله المُصَنِّفُ. وقال الذهبي: تَفَرَّد بهذا الحديث عنها مَطَر الأَعْنَق. (٣)

وقال أبو الفتح الأزدي: زَارِعُ بْنُ الْوَازِعِ تَفَرَّدَ عَنْهُ بِالرِّوَايَةِ أُمُّ أَبَانَ ابْنَةُ الْوَازِعِ، حَدِيثَ وَفْدِ الْقَيْسِ. (٤)

سادساً:- التعليق على الحديث:

قال ابن بطال: الأخذ باليد هو مبالغة المصافحة، وذلك مستحب عند العلماء، وإنما اختلفوا في تقبيل اليد: فأنكره مالك، وأنكر ما روي فيه، وأجازه آخرون، مُستدليِّن ببعض ما ورد في ذلك مِنْ الأحاديث والآثار الواردة في هذا الباب عن بعض الصحابة الكرام - رضي الله عنهم -، قال الأبهري: وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظم، وأمَّا إذا كانت على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائزٌ.

وقال النووي: تقبيل يد الرجل لزهده وصلاحه، أو علمه، أو شرفه، أو نحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره، بل يستحب، فإن كان لغناه أو جاهه عند أهل الدنيا فمكروه شديد الكراهة. (٥)

وبالنظر في الأحاديث، والآثار، وأقوال السلف وأهل العلم خاصة الأئمة المتبوعين الواردة في هذا الباب، يَتَبَيَّن أنَّ ذلك مستحب، بشرط أنْ يفعل ذلك تديناً لله - عز وجل -، وأن لا يُفْعل لدنيا، فإن كان للدنيا فمكروهٌ أو مُحرَّم.


(١) فيه يزيد بن أبي زياد القرشي، قال ابن حجر: ضعيفٌ، كَبِرَ فَتَغَيَّر، و صار يَتَلقَّن، و كان شيعيًا. "التقريب" (٧٧١٧).
(٢) ومَنْ رام المزيد مِنْ الشواهد فليُراجع "الرخصة في تقبيل اليد" لأبي بكر بن المقرئ، "نصب الراية" (٤/ ٢٥٨).
(٣) يُنظر: "ميزان الاعتدال" (٤/ ٤٨٦ و ٤/ ٦١١).
(٤) يُنظر: "المخزون في علم الحديث" (ص/٩٧).
(٥) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (١١/ ٥٦ - ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>