للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[١٤١/ ٥٤١]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ: نا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، قَالَ: نا أَبُو مُعَاوِيَةَ الْعَبَّادَانِيُّ (١)، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْمَلِيحِ الْهُذَلِيَّ (٢) يُحَدِّثُ.

عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَزَاةَ حُنَيْنٍ (٣) فِي سَنَةِ ثَمَانٍ فِي رَمَضَانَ (٤)،

فَوَافَقَ يَوْمَ جُمُعَةٍ، يَوْمَ


(١) العبَّاداني: بفتح العين المهملة، وتشديد الباء الموحدة مع فتحها، وفتح الدَّال المُهْملَة، وفي آخرهَا نون، نِسْبَة إِلَى عبَّادان، وَهِي: بليدَة بنواحي البَصْرَة في البَحْر، وكان يسكنها جماعةٌ مِنْ العلماء والزُّهاد للعبادة والخلوة. يُنظر: "الأنساب" (٨/ ٣٣٥)، و"اللباب" (٢/ ٣٠٩)، و"معجم البلدان" (٤/ ٧٤).
(٢) الهُذلِيّ: بِضَم الهَاء، وفتح الذَّال، نسبة إلى: هُذَيل، وهي قبيلة، يقال لها: هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، يُنسب إليها جماعةٌ، منهم: أسامة الهذلي والد أبى المليح، له صحبة ورواية. يُنظر: "الأنساب" (١٢/ ٣١٥)، "اللباب" (٣/ ٣٨٣).
(٣) سبق بيان معناها وموقعها، يُنظر الحديث رقم (٨).
(٤) اتفق أهل السير على أنَّ غزوة حنين كانت في شهر شوال، وأمَّا فتح مكة فهو الذي كان في رمضان. يُنظر: "المغازي" للواقدي ٣/ ٨٨٩ - ٨٩٢، "الطبقات الكبرى" لابن سعد ٢/ ١٥٠، "الفصول في السيرة" لابن كثير (ص/٢٠٤)، وقال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٨/ ٢٧): قال أهل المغازي: خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين لستٍ خلت من شوال، وقيل: لليلتين بقيتا من رمضان، وجمع بعضهم بأنَّه بدأ بالخروج في أواخر رمضان، وسار سادس شوال، وكان وصوله إليها في عاشره. أ. هـ وأخرج الطبراني في "الأوسط" (٣٨٨٣) بسنده مِن طريق سَعِيد بن بَشِيرٍ، عن قَتَادَةَ، عن أَنَسٍ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَرَجَ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ لِثَمَانِ عَشَرَ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَمَرُّوا بِنَهْرٍ، فَشَدَّدُوا النَّظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «تَشْرَبُونَ؟» فَقَالُوا: نَشْرَبُ وَأَنْتَ صَائِمٌ؟ … الحديث» وقال الطبراني: لم يَرْوِ هذا الحديث عن قَتَادَةَ إلا سَعِيدُ بن بَشِيرٍ، تَفَرَّدَ به: زَيْدُ بن يحيى بن عُبَيْدٍ. قلتُ: وسعيد بن بَشير الأزدي قال فيه ابن معين: عنده أحاديث غرائب عن قتادة وليس حديثه بكل ذاك. وقال ابن نُمَير والسَّاجي: حدَّث عن قتادة بمناكير. وقال ابن حبَّان: كان ردئ الحفظ، فاحش الخطأ، يروى عن قتادة ما لا يتابع عليه. وقال ابن حجر: ضَعيفٌ. يُنظر في ترجمته: "تاريخ ابن معين" برواية ابن محرز ١/ ٧٤، "المجروحين" لابن حبَّان ١/ ٣١٩، "تهذيب الكمال" ١٠/ ٣٥٠، "تهذيب التهذيب" ٤/ ٩، "التقريب" (٢٢٧٦).

لكن! قال الدكتور/إبراهيم قريبي في "مرويات غزوة حنين" (١/ ٩٩): إنَّ تاريخ غزوة حُنين مرتبط بوقت فتح مكة المكرمة، ذلك أن غزوة حنين ناشئة عنه ومتممة له، ومن هنا أطلقت بعض الروايات الخروج إلى حنين في شهر رمضان، والمعروف أن هذا إنما كان في غزوة الفتح؛ فقد أخرج البخاري في "صحيحه" (٤٣٣٢) ك/المغازي، ب/غَزْوَةِ الطَّائِفِ، ومسلمٌ في "صحيحه" (١٠٥٩/ ٥) ك/الزكاة، ب/إِعْطَاءِ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَتَصَبُّرِ مَنْ قَوِيَ إِيمَانُهُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ قَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - غَنَائِمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ، … الحديث. قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" (٨/ ٥٤): المراد بقوله: "يوم فتح مكة" زمان فتح مكة، وهو يشمل السنة كلها، ولمَّا كانت غزوة حنين ناشئة عن غزوة مكة أضيفت إليها، وقد قرر ذلك الإسماعيلي، فقال: المراد غنائم هوازن، فإنَّه لم يكن عند فتح مكة غنيمة تُقَسَّم، ولكنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - غزا حُنيناً بعد فتح مكة في تلك الأيام القريبة، وكان السبب في هوازن فتح مكة، لأنَّ الخلوص إلى محاربتهم كان بفتح مكة.
وأخرج البخاري في "صحيحه" (٤٢٧٧) ك/المغازي، ب/غَزْوَة الفَتْحِ في رَمَضَانَ، عن ابن عَبَّاسٍ، قال: "خَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فِي رَمَضَانَ إِلَى حُنَيْنٍ، وَالنَّاسُ مُخْتَلِفُونَ، فَصَائِمٌ وَمُفْطِرٌ، … الحديث". قال الحافظ في "الفتح" (٨/ ٥): استشكله الإسماعيلي بأنَّ حُنينًا كانت بعد الفتح فيحتاج إلى تأمل! قلتُ (ابن حجر): وتأويله ظاهر، فإنَّ المراد بقوله "إلى حنين": أي التي وقعت عقب الفتح، لأنها لما وقعت إثرها أطلق الخروج إليها، وبهذا جمع المحب الطبري، وقال غيره: يجوز أن يكون خرج إلى حنين
في بقية رمضان قاله ابن التين، … إلى أن قال ابن حجر: فيكون الخروج إلى حنين في شوال.
قلتُ: وعليه؛ فإطلاق الروايات بأنَّ حُنيناً وقعت في رمضان، إنَّما هو مِن باب إضافة وقت الشيء إلى سببه، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>