للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّ عَمَّاراً تقتله الفئة الباغيةُ. (١)، وروى له الجماعة. (٢)

ثالثًا: - الحكم على الحديث:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّنُ أنَّ الحديث بإسناد الطبرانيّ "صحيحٌ لذاته"، والحديث أخرجه البخاري - كما سبق -.

رابعاً: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّفُ - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن أبي حَصِينٍ إلا أبو بَكْرِ بن عَيَّاشٍ.

قلتُ: مِمَّا سبق في التخريج يَتَّضح صحة ما قاله المُصَنِّف - رضي الله عنه -.

خامسًا: - التعليق على الحديث:

قال الحافظ ابن حجر: قوله في الحديث: "لتَتَّبِعُوهُ أَوْ إِيَّاهَا" قيل: الضمير لعليٍّ، لأنه الذي كان عمار يدعو إليه، والذي يظهر أنه لله - عز وجل -، والمرادُ بإتباع الله اتباعُ حكمه الشرعي في طاعة الإمام، وعدم الخروج عليه، ولعله أشار إلى قوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (٣) فإنه أمرٌ حقيقيٌّ خُوطِبَ به أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا كانت أم سلمة تقول: لا يحركني ظهر بعير حتى ألقى النبي - صلى الله عليه وسلم -، والعذر في ذلك عن عائشة أنها كانت متأولة هي وطلحة والزبير، وكان مرادهم إيقاع الإصلاح بين الناس، وأخذ القصاص من قتلة عثمان، وكان رأي عليٍّ الاجتماعَ على الطاعة، وطلب أولياء المقتول القصاص ممن يثبت عليه القتل بشروطه. (٤)

وقال: ومراد عمار بذلك أن الصواب في تلك القصة كان مع عليّ، وأن عائشة مع ذلك لم تخرج بذلك عن الإسلام، ولا أن تكون زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة، فكان ذلك يعد من إنصاف عمَّار وشدة ورعه وتحريه قول الحق، وقد أخرج الطبري بسند صحيح عن أبي يزيد المديني قال: قال عمار بن ياسر لعائشة، لما فرغوا من الجمل: ما أبعد هذا المسير من العهد الذي عهد إليكم يشير إلى قوله تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}، فقالت أبو اليقظان؟ قال: نعم، قالت: والله إنك ما علمتُ لقوال بالحق. قال: الحمد لله الذي قضى لي على لسانك. (٥)

* * *


(١) أخرج البخاري في "صحيحه" (٤٤٧) ك/الصلاة، ب/التَّعَاوُنِ فِي بِنَاءِ المَسْجِدِ عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، قال: كُنَّا نَحْمِلُ لَبِنَةً لَبِنَةً وَعَمَّارٌ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ - أي: في بناء المسجد النبوي -، فَرَأَىهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أي: رأى عَمَّاراً - فَيَنْفُضُ التُّرَابَ عَنْهُ، وَيَقُولُ: «وَيْحَ عَمَّارٍ، تَقْتُلُهُ الفِئَةُ البَاغِيَةُ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الجَنَّةِ، وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ» قَالَ: يَقُولُ عَمَّارٌ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الفِتَنِ. وأخرجه أيضاً بنحوه برقم (٢٨١٢) ك/الجهاد، ب/مَسْحِ الغُبَارِ عَنِ الرَّأْسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ومسلمٌ في "صحيحه" (٢٩١٥) مُختصراً ك/الفتن وأشراط الساعة، ب/لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرِ الرَّجُلِ، فَيَتَمَنَّى أَنْ يَكُونَ مَكَانَ الْمَيِّتِ مِنَ الْبَلَاءِ.
(٢) يُنظر: "الاستيعاب" ٣/ ١١٣٥، "أسد الغابة" ٤/ ١٢٢، "التهذيب" ٢١/ ٢١٥، "الإصابة" ٧/ ٢٩١.
(٣) سورة "الأحزاب"، آية (٣٣).
(٤) يُنظر: "فتح الباري" (٧/ ١٠٨).
(٥) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (١٣/ ٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>