للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رابعًا: - الوجه الرابع: ابن المُنْكَدِر، عن طَاوُسٍ، عن ابن عَبَّاسٍ، عن عليّ بن أبي طالب (مرفوعاً).

أ تخريج الوجه الرابع:

• أخرجه ابن عدي في "الكامل" (٥/ ٢٠٣) - ومِنْ طريقه ابن الجوزي في "العلل" (١٠٦) -، والخطيب في "تاريخه" (١١/ ١٢٤)، مِنْ طريق عَبد اللَّهِ بن زِيَاد، عن ابن المُنْكَدِر، عن طاووس، عن ابن عَبَّاسٍ، عن عليٍّ، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قَال: "لا طَلاقَ إلا بَعْدَ مِلْكٍ، ولا عِتْقَ إلا بَعْدَ مِلْكٍ". وقال ابن الجوزي: هذا حديثٌ لا يصح.

قلتُ: في إسناده عبد الله بن زياد بن سمعان "متروك الحديث"، وكذبه بعضهم. (١)

خامسًا: - النظر في الخلاف على هذا الحديث:

مِمَّا سبق يَتبيَّن أنَّ هذا الحديث مَدَاره على محمد بن المُنْكدر، واختلف عنه مِنْ أوجهٍ:

الوجه الأول: محمد بن المُنْكدر، عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - (مرفوعًا).

الوجه الثاني: محمد بن المُنْكدر، عَمَّن سَمِعَ طاوسًا، عن طاوسٍ (مُرْسلاً).

الوجه الثالث: محمد بن المُنْكَدِر، عن طَاوُسٍ، عن ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنه - (مرفوعاً).

الوجه الرابع: محمد بن المُنْكَدِر، عن طَاوُسٍ، عن ابن عَبَّاسٍ - رضي الله عنه -، عن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - (مرفوعاً).

والذي يظهر - والله أعلم - أنَّ الوجه الثاني هو الأشبه والأقرب للصواب؛ للقرائن الآتية:

١) ضَعْف الإسناد عن محمد بن المُنْكدر بالوجه الأول والثالث والرابع، وهذا بخلاف الوجه الثاني، فقد رواه سفيان الثوري، مع صحة الإسناد إليه.

٢) قال ابن أبي حاتم: سألتُ أبي عن حديثٍ رواه صَدَقَةُ بن عبد الله السَّمِينُ، عن محمد بن المُنْكَدِر، … وذكر الحديث بالوجه الأول، فقال أَبِي: هذا خطأٌ؛ والصَّحيحُ ما رَوَاهُ الثَّوْري، عن محمد بن المُنْكَدِر؛ قال: حدَّثني مَنْ سَمِعَ طَاوُسًا. قال أبي: فَلَوْ كَانَ سَمِعَ مِنْ جَابِرٍ؛ لَمْ يُحَدِّثْ عَنْ رجُلٍ، عَنْ طَاوُسٍ، مُرسَلًا. (٢)

٣) اتفاق كلمة الأئمة على ترجيح الوجه الثاني: فأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن مَعِينٍ، قال: لا يَصحُّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - "لا طَلاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ"، وأصحُّ شيءٍ فِيهِ: حديثُ الثَّوْري، عَنِ ابْنِ المُنْكَدِر، عَمَّن سَمِعَ طَاوُسًا: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: "لا طَلاقَ قَبْلَ نِكَاحٍ". (٣) وقال ابن أبي حاتم - بعد أن ساق الأوجه المُختلف فيها على ابن المُنْكدر -: قال أبي، وأبو زرعة جميعًا: هذه الأسانيدُ كُلُّهَا وَهَمٌ عِنْدَنَا، والصَّحيحُ: ما رَوَاهُ الثَّوْري، عَنْ ابن المُنْكَدِر، عمَّن سمع طاوسًا، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (٤) وقال الدَّارقطني: ولا يصح عن جابر، وإنَّما رواه ابن المُنْكَدِر مُرسلاً عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وهو الصواب. (٥)


(١) يُنظر: "الجرح والتعديل" ٥/ ٦٠، "المجروحين" ٢/ ٧، "تهذيب الكمال" ١٤/ ٥٢٦، "الميزان" ٤/ ٥٩٣، "التقريب" (٣٣٢٦).
(٢) يُنظر: "العلل" لابن أبي حاتم (٤/ ٢٤/مسألة ١٢٢٢).
(٣) يُنظر: "العلل" لابن أبي حاتم (٤/ ١٣٢/مسألة ١٣١٢).
(٤) يُنظر: "العلل" لابن أبي حاتم (٤/ ٢٠/مسألة ١٢٢٠).
(٥) يُنظر: "العلل" للدارقطني (٣/ ٧٤/مسألة ٢٩٢)، ويُنظر كذلك "التلخيص الحبير" (٣/ ٤٢٦ - ٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>