للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تِلْكَ السَّنَةِ"، وهذا باطلٌ، فإنَّ الفتح كان في سَنَةِ ثَمَانٍ في رمضان منها، وهذا ما لا خلاف فيه. وقد تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - في رَبِيعٍ الأوَّلِ مِنْ سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ، بلا خلافٍ أَيْضًا. (١)

وقال الحافظ ابن حجر (٢): ووهم عطاء بن السائب فروى هذا الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عبَّاس مَرْفوعاً؛ والصواب رواية حبيب بن أبي ثابت بلفظ: "نُعِيَتْ إليه نَفْسُهُ".

رابعاً: - الحكم على الحديث:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "ضَعيفٌ"؛ لأجل سُويد بن عبد العزيز "ضَعيفٌ يُعْتبر به".

لكن للحديث مُتابعات عند البخاري، يرتقي بها مِن الضعيف إلى "الصحيح لغيره".

خامساً: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن سُفْيَانَ إلا سُوَيْدٌ.

قلتُ: مِمَّا سبق يَتَبَيَّن صحة ما قاله المُصَنِّف - رضي الله عنه -، والتفَرُّد هنا نسبي، فسُويدٌ وإن كان ضَعيفاً، لكن تابعه غير واحدٍ عن أبي بِشْرٍ كما سبق بيانه في التخريج، وبالتالي فتفرُّده لا يضر في صحة الحديث، والله أعلم.

سادساً: - التعليق على الحديث:

قال الحافظ ابن حجر: هذا الحديث فيه فضيلة ظاهرة لابن عباس، وتأثير لإجابة دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعلمه الله التأويل ويفقهه في الدين (٣). وفيه: جواز تحديث المرء عن نفسه بمثل هذا لإظهار نعمة الله عليه وإعلام من لا يعرف قدره لينزله منزلته، وغير ذلك من المقاصد الصالحة لا للمفاخرة والمباهاة. وفيه: جواز تأويل القرآن بما يُفهم من الإشارات وإنما يتمكن من ذلك من رسخت قدمه في العلم. (٤)

* * *


(١) يُنظر: "البداية والنهاية" (٦/ ٦٢٤).
(٢) يُنظر: "فتح الباري" (٨/ ٧٣٦).
(٣) أخرج البخاري في "صحيحه" (١٤٣) ك/الوضوء، ب/وَضْعِ المَاءِ عِنْدَ الخَلَاءِ، ومسلمٌ في "صحيحه" (٢٤٧٧) ك/فضائل الصحابة، ب/مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا بسنديهما مِن طريق عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الخَلَاءَ، فَوَضَعْتُ لَهُ وَضُوءً، قَالَ: «مَنْ وَضَعَ هَذَا فَأُخْبِرَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ». والبخاري أيضاً برقم (٧٥) ك/العلم وبرقم (٧٢٧٠) ك/الاعتصام بسنده مِن طريق عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: ضَمَّنِي رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الكِتَابَ». وأيضاً برقم (٣٧٥٦) ك/فضائل الصحابة، ب/ذِكْرِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِن طريق آخر عن عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: ضَمَّنِي النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى صَدْرِهِ، وَقَالَ: «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الحِكْمَةَ».
(٤) يُنظر: "فتح الباري" (٨/ ٧٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>