للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهل للحديث من شواهد أخرى؟

قلت - والله أعلم -: لم أقف - على حد بحثي - على ما يشهد بأنَّ مَنْ لَعِقَ العسل ثلاث غدوات، يقيه من عظيم البلاء؛ لكن قد صحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على فضل التداوي بالعسل، نذكر منها ما يلي:

• أخرج البخاري في "صحيحه" من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " الشِّفَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ: شَرْبَةِ عَسَلٍ، وَشَرْطَةِ مِحْجَمٍ، وَكَيَّةِ نَارٍ، وَأَنْهَى أُمَّتِي عَنِ الكَيِّ ". (١)

• وأخرج البخاري، ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: إِنَّ أَخِي اسْتَطْلَقَ بَطْنُهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - «اسْقِهِ عَسَلا». فَسَقَاهُ، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: إِنِّي سَقَيْتُهُ عَسَلا فَلَمْ يَزِدْهُ إِلا اسْتِطْلاقًا، فَقَالَ لَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ جَاءَ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: «اسْقِهِ عَسَلا». فَقَالَ: لَقَدْ سَقَيْتُهُ فَلَمْ يَزِدْهُ إِلا اسْتِطْلاقًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «صَدَقَ اللهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ» فَسَقَاهُ فَبَرَأَ. واللفظ لمسلم. (٢)

والمراد به قول الله - عز وجل -: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} (٣) فجمهور المفسرين أجمعوا على أن الضمير يعود إلى العسل، وهو الصحيح.

رابعاً:- التعليق على الحديث:

قال الطيبي: من لعق العسل ثلاث غدوات كل شهر لم يصبه عظيم من البلاء؛ لما في العسل من المنافع الدافعة للأدواء، وتخصيص الثلاث لسر علِمه الشارع. ا. هـ. (٤)

قلت - والله أعلم-: ولم يصح التخصيص في لعق العسل بالثلاث في دفع عظيم البلاء كما مرَّ.

وقال الحافظ ابن حجر: والعسل يذكَّر ويؤنث، وأسماؤه تزيد على المائة، وفيه من المنافع الكثيرة، منها: أنه يجلو الأوساخ التي في العروق والأمعاء، ويدفع الفضلات، ويغسل خمل المَعِدة، ويسخنها تسخينا معتدلا، ويَشُدُّ المعدة، والكَبِد، والكُلى، والمثانة، وغيرها من المنافع؛ ثم هو غِذَاء من الأغذية، ودَواء من الأدوية، وشَرَاب من الأشربة، وحَلْوى من الحَلاوات، وطِلاء من الأَطْلية، ومُفرح من المُفرحات … " ا. هـ. (٥)

ويكفي فيه ما أخرجه البخاري من حديث عائشة - رضي الله عنه - قالت: «كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُعْجِبُهُ الحَلْوَاءَ وَالعَسَلَ» (٦).

قال الكرمانيُّ: والإعجاب أعمّ من أن يكون على سبيل الدواء والغذاء. (٧)


(١) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٥٦٨٠)، ك/الطب، ب/الشفاء في ثلاث.
(٢) أخرجه البخاري (٥٦٨٤)، ك/الطب، ب/الدواء بالعسل، ومُسْلِمٌ (٢٢١٧)، ك/السلام، ب/التداوي بسقي العسل.
(٣) سورة "النحل"، آية (٦٩).
(٤) يُنظر: "فيض القدير" (٦/ ٢٢٠).
(٥) يُنظر: "فتح الباري" (١٠/ ١٤٠) بتصرف.
(٦) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٥٦٨٢) ك/الطب، ب/الدواء بالعسل.
(٧) يُنظر: "فتح الباري" (١٠/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>