للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلتُ: من خلال ما سبق يتبيّن - بعد البحث - أنّ الحديث بهذا الطريق - من حديث جابر -، لمْ يَرْوه عن أَشْعث، إلا أبو خالد، وعلى هذا فيُسلّم للمصنف - رضي الله عنه - في ذلك.

وقد رواه عن أَشْعث، حِبَّانُ بن علي العَنَزيُّ - كما عند المصنف في "الكبير" - لكنَّه رواه بوجهٍ آخر غير الوجه الذي رواه به أبو خالد، فرواه عن أَشْعث، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص - موقوفًا -.

وهذا يدلّ على أنّ كلام الطبراني مُقَيَّدٌ بالوجه المذكور، وليس مطلقًا - والله أعلم -.

سادسًا: - التعليق على الحديث:

- قال الترمذي: وقد أَجْمَعَ أهلُ العلم مِنْ أصحاب النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، والتَّابِعِينَ، ومَنْ بعدهم على أَنَّ النُّفَسَاءَ تَدَعُ الصَّلاة أربعين يَوْمًا، إلا أَنْ ترى الطُّهْرَ قبل ذلك، فإِنَّها تغتسلُ وتُصَلِّي، فإذا رأت الدَّمَ بعد الأربعين فإِنَّ أكثرَ أهل العلم قالوا: لا تَدَعُ الصلاة بعد الأربعين، وهو قول أكثر الفُقَهَاءِ، وبه يقول سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وابنُ المُبَارَكِ، والشَّافِعِيُّ، وأحمدُ، وإسحاقُ. ويُرْوَى عن الحَسَنِ البَصْرِيِّ، أنَّه قال: تَدَعُ الصلاةَ خَمْسِينَ يَوْمًا إذا لم تَرَ الطُّهْرَ. ويُرْوَى عن عطاءِ بن أبي رَبَاحٍ، والشَّعْبِيِّ سِتِّينَ يَوْمًا. (١) ونُوزع الترمذي في نَقْله للإجماع (٢)، وفيما نَقَله عن الشافعي، بل وتعجّب منه النووي، وذَكَر أنّ المعروف في المذهب ستين يومًا. (٣)

- وقال البغوي: أمّا أكثره، فأربعون يومًا عند أكثر أهل العلم، قَالُوا: تَدَعُ الصَّلاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّ عَلَيْهَا أَنْ تَغْتسِلَ وَتُصَلِّيَ، فَإِنْ زَادَ على الأربعين، فلا تَدَعُ الصَّلاةَ، رُوِيَ هذا عن عُمَرَ، وابن عَبَّاسٍ، وأنسٍ، وبه قال الثَّوْرِيُّ، وأصحابُ الرَّأْيِ، وحكاه أبو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ عن الشَّافِعِيِّ. (٤)

- وذهب ابن قُدامة إلى أنّ أكثر مدة للنفاس أربعون يومًا، ونَقَل هذا عن جماعة من الصحابة، وذكر حديث أمّ سلمة، ثم قال: وهذا قول مَن سَمَّيْنا من الصحابة، ولمْ نَعرف لهم مخالفًا في عصرهم، فكان إجماعًا، وقد حكاه الترمذي إجماعًا، ونحوه حكى أبو عُبيْد … ثُمَّ قال: فَإِنْ زَادَ دَمُ النُّفَسَاءِ على أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَصَادَفَ عَادَةَ الحَيْضِ، فهو حَيْضٌ، وإن لم يُصَادِفْ عَادَةً، فهو اسْتِحَاضَةٌ. قال أحمدُ: إذا اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ، فإن كان في أيَّام حَيْضِهَا الذي تَقْعُدُهُ أَمْسَكَتْ عَنْ الصلاة، ولَمْ يَأْتِهَا زَوْجُهَا، وإِنْ لم يَكُنْ لَهَا أَيَّامٌ كانت بِمَنْزِلَةِ المُسْتَحَاضَةِ، يَأْتِيهَا زَوْجُهَا، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَتَصُومُ وَتُصَلِّي إنْ أَدْرَكَهَا رَمَضَانُ، وَلَا تَقْضِي. (٥)

* * *


(١) يُنظر: "السنن" للترمذي" عقب الحديث رقم (١٣٩).
(٢) يُنظر: "المحلى" لابن حزم (٢/ ٢٠٣ - ٢٠٧)، "تفسير القرطبي" (٣/ ٨٤).
(٣) يُنظر: "المجموع" للنووي (٢/ ٥٢٥).
(٤) يُنظر: "شرح السنة" للبغوي (٢/ ١٣٧).
(٥) يُنظر: "المغني" لابن قُدامة (١/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>