للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الوجه الثاني: مُعْتَمِر بن سُليمان، عن حُمَيد الطَويل، عن الحسن، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -.

ورواه عن المُعْتَمِر بهذا الوجه المُسيَّب بن واضح، واضطرب فيه: فرواه بالوجه الأول، ومَرَّة بالوجه الثاني.

وهذا الوجه صَحَّحَه بعض أهل العلم باعتبار ظاهره: فأخرجه ابن حبَّان في "صحيحه"، وقال محققه: صحيحٌ فيه المُسيَّب، وقد تُوبع. واعتبر المُحقق الفاضل الوجه الأول مُتَابِعٌ لهذا الوجه، وهذا خطأ ظاهر.

بينما أخرجه ابن عدي في ترجمة المُسيَّب بن واضح، وعدَّه مِن مناكيره - كما سبق -.

الوجه الثالث: مُعْتَمِر، عن حُمَيد الطويل، عن الحسن (مرسلاً).

والذي يظهر - والله أعلم - أنَّ الوجه الثالث هو الأشبه والأقرب للصواب؛ وذلك للقرائن الآتية:

١) أنَّ الوجه الأول عدَّه العلماء مِمَّا تفرَّد به مُعْتَمِر بن سُليمان، ولمَّا سُئل عنه أبو حاتم، قال: هذا حديثٌ مُنكر. وقال يحيى القطان: إذا حدَّثكم المُعْتَمِر بشيء فاعرضوه فإنَّه سيء الحفظ. (١)

٢) لعلَّه في الوجه الأول سلك به الجَّادة، فكثيراً ما يُروى حُميدٌ عن أنس، فاشتبه عليه.

٣) أمَّا الوجه الثاني فقد عدَّه العلماء مِن مناكير المُسيَّب بن واضح.

٤) ترجيح الأئمة للوجه الثالث المُرْسل: قال أبو حاتم: إِنَّمَا هُوَ عَنْ الحسن، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَأَمَّا عَنْ أَنَسٍ؛ فَلَيْسَ بِمَحْفُوظٍ. (٢) وقال الدارقطني: والصحيح: عن مُعْتَمِر، عن حُمَيد، عن الحسن مرسلاً. (٣)

خامساً: - الحكم على الحديث:

أ الحكم على الحديث بإسناد الطبراني:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "مُنْكرٌ"، ليس بمحفوظ؛ قاله أبو حاتم الرَّازي كما سبق.

ب الحكم على الحديث مِن وجهه الراجح المُرْسل:

والحديث مِن وجهه الراجح "ضعيفٌ"؛ لإرساله، لكن للحديث شواهد يرتقى بها إلى "الصحيح لغيره".

شواهد للحديث:

أخرج البخاري، ومسلم في "صحيحيهما"، عن عَمْرُو بن العَاصِ - رضي الله عنه -، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: " أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ»، فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ فَقَالَ: «أَبُوهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ» فَعَدَّ رِجَالاً. (٤)

وعليه فالحديث مِن طريق حُميد: الصواب فيه أنَّه "مُرْسل صحيحٌ لغيره"، وليس بمحْفوظ عن أنس.


(١) يُنظر: "تهذيب التهذيب" ١٠/ ٢٢٨.
(٢) يُنظر: "العلل" لابن أبي حاتم (٦/ ٤٤٠/ مسألة ٢٦٥١)، (٦/ ٤٥٨/ مسألة ٢٦٦٦).
(٣) يُنظر: "العلل" للدارقطني (١٢/ ٧٦/ مسألة ٢٤٣٩).
(٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٣٦٦٢) ك/فضائل الصحابة، ب/قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا»، ومسلم في "صحيحه" (٢٣٨٤) ك/فضائل الصحابة، ب/ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه -.

<<  <  ج: ص:  >  >>