للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٦٦/ ٤٦٦]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خُلَيْدٍ، قَالَ: نا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: نا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، يَقُولُ:

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ الهَوْزَنِيُّ (١)، أَنَّهُ لَقِيَ بِلالاً مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَتَسَوَّكُ بِحَلَبَ، قَالَ:

فَقُلْتُ: يَا بِلالُ، حَدِّثْنِي كَيْفَ كَانَ نَفَقَةُ (٢) رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟

فَقَالَ: مَا كَانَ لَهُ شَيْءٌ، كُنْتُ أَنَا الَّذِي أَلِي ذَلِكَ مِنْهُ مُنْذُ بَعَثَهُ اللَّهُ حَتَّى تُوُفِّيَ - صلى الله عليه وسلم -.

وَكَانَ إِذَا أَتَاهُ الإِنْسَانُ الْمُسْلِمُ فَرَآهُ عَارِيًا، يَأْمُرُنِي بِهِ، فَأَنْطَلِقُ، وأَسْتُقْرَضُ، فَأَشْتَرِي الْبُرْدَةَ، فَأَكْسُوهُ، وَأُطْعِمُهُ.

حَتَّى اعْتَرَضَنِي رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ لِي: يَا بِلالُ، إِنَّ عِنْدِي سَعَةٌ، فَلا تَسْتَقْرِضْ مِنْ أَحَدٍ إِلا مِنِّي، فَفَعَلْتُ.

فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ تَوَضَّأْتُ، ثُمَّ قُمْتُ لأُؤَذِّنَ لِلصَّلاةِ، فَإِذَا الْمُشْرِكُ قَدْ أَقْبَلَ فِي عِصَابَةٍ مِنَ التُّجَّارِ.

فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: يَا حَبَشِيُّ! قُلْتُ: لَبَّيْكَ.

فَتَجَهَّمَنِي، وَقَالَ قَوْلاً غَلِيظًا، فَقَالَ: أَتَدْرِي كَمْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّهْرِ؟ قُلْتُ: قَرِيبٌ.

قَالَ: إِنَّمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ أَرْبَعٌ، فَآخُذُكَ بِالَّذِي لِي عَلَيْكَ، فَإِنِّي لَمْ أُعْطِكَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ مِنْ كَرَامَتِكَ، ولا كَرَامَةِ صَاحِبِكَ عَلَيَّ، وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَعْطَيْتُكَ لآخُذَكَ عَبْدًا، فَأَرُدَّكَ تَرْعَى لِي الْغَنَمَ، كَمَا كُنْتَ تَرْعَى قَبْلَ ذَلِكَ.

فَأَخَذَ فِي نَفْسِي مَا يَأْخُذُ فِي أَنْفَسِ النَّاسِ. فَانْطَلَقْتُ، ثُمَّ أَذَّنْتُ بِالصَّلاةِ، حَتَّى إِذَا صَلَّيْتُ الْعَتَمَةَ، رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى أَهْلِهِ. فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ، فَأَذِنَ لِي.

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ الْمُشْرِكَ الَّذِي كُنْتُ ادَّنتُ مِنْهُ قَالَ لِي: كَذَا وَكَذَا، وَلَيْسَ عِنْدِكَ مَا تَقْضِي، وَلَيْسَ عِنْدِي، وَهُوَ فَاضِحِي، فَأْذِنَ لِي أَنْ آتِيَ إِلَى بَعْضِ هَؤُلاءِ الأَحْيَاءِ الَّذِينَ قَدْ أَسْلَمُوا حَتَّى يَرْزُقَ اللَّهُ رَسُولَهُ مَا يَقْضِي عَنْهُ. (٣)


(١) بفتح الهاء، وسكون الواو، وفتح الزاي، نسبة إلى هوزن بن عَوْف بن عبد شمس بن وَائِل، وهو بطن من ذي الكلاع من حمير، نزلت الشام، والهوزن في العربية: الغبار، وقيل: نوع من الطير. يُنظر "الأنساب" (١٢/ ٣٥٥)، "اللباب" (٣/ ٣٩٥).
(٢) في الأصل، وكذلك في المطبوع "مهنة"، ولعلّه خطأ من الناسخ، والتصويب من "المعجم الكبير" (١١١٩)، و"مُسند الشاميين" (٢٨٦٩)، و"الأحاديث الطوال" (٤٩)، وكلها للمصنف، والحديث في جميعها بسنده، ومتنه، وفيها: كيف كان نفقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ وأخرجه أبو نعيم، وابن عساكر من طريق المصنّف، وهو عندهما كما أَثْبَتُهُ، وهو الموافق لمتن الحديث.
(٣) وفي روايةٍ لأبي داود (٣٠٥٦)، قال: فسكتَ عنِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَاغْتَمَزْتُهَا. وقوله: فَاغْتَمَزْتُهَا أي ما ارتضيْتُ تلك الحالة، وكرِهتُها، وثَقُلَتْ عليّ. وعند ابن حبَّان في "صحيحه" (٦٣٥١): أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال له: "إذا شِئْتَ اعتمدت".

<<  <  ج: ص:  >  >>