للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٦٨/ ٤٦٨]- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خُلَيْدٍ، قَالَ: نا أَبُو [تَوْبَةَ] (١)، قَالَ: نا مُعَاوِيَةُ بْنُ سَلَّامٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ سَلَّامٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَلَّامٍ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ، يَقُولُ:

سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: «اقْرَأُوا الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا (٢) لأَصْحَابِهِ، اقْرَأُوا الزَّهْرَاوَيْنِ (٣): سُورَةَ الْبَقَرَةِ، وَسُورَةَ آلِ عِمْرَانَ؛ فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ (٤)، أَوْ (٥)

غَيَايَتَانِ (٦)، أَوْ كَأَنَّهُمَا فِرْقَانِ (٧) مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ (٨)، تُحَاجَّانِ عَنْ أَصْحَابِهِمَا (٩)،

اقْرَأُوا سُورَةَ الْبَقَرَةِ (١٠)؛ فَإِنَّ أَخْذَهَا بَرَكَةٌ، وَتَرْكَهَا حَسْرَةٌ، ولا


(١) في الأصل "ثوبة" بالمثلثة، والصواب ما أثبته بالتاء المثناة الفوقية، والتصحيح من "المعجم الكبير" (٧٥٤٤)، و"مسند الشاميين" (٢٨٦٢)، والحديث عند أبي نعيم في "المُستخرَج" (١٨٢٥) من طريق المصنف، وفيه: عن أبي توبة.
(٢) في الأصل "شفيع"، والحديث في "صحيح مسلم" من طريق أبي توْبة كما أثبته.
(٣) قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (٤/ ١٤٦٠): الزَّهْرَاوَيْن: تَثْنية الزَّهراء، تَأْنيث الأزهر، وهو المضيء شديد الضوء، أي المُنِيرتيْن، وسُمِيَتا بذلك: لِنُورِهِما وهدايتهما، وعِظم أجرهما؛ وكأنهما بالنسبة إلى ما عداهما عند الله مكان القمرين من سائر الكواكب، وقيل: لاشتهارهما شُبِّهتا بالقمريْن. ويُنظر: "شرح النووي على مسلم" (٦/ ٩٠).
(٤) غمامتان: أي سحابتان تُظِلَّان صاحبهما عن حرّ الموقف، وقيل هي ما يَغُمُّ الضَّوْء ويمحوه لشدة كثافته. يُنظر: "شرح النووي على مسلم" (٦/ ٩٠)، و"مرقاة المفاتيح" للملا علي القاري (٤/ ١٤٦٠).
(٥) قال القاضي عياض: ليست "أو" للشك، ولا للتخيير في تشبيه الصورتين كما ظن، ولا للترديد من بعض الرواة كما قيل، لاتساق الروايات كلها على هذا المنهاج، بل هي كما قاله البيضاوي، وبعض أئمة الشافعية للتنويع وتقسيم أحوال القارئين: فالأول لمن يقرأهما ولا يفهم معناهما، والثاني للجامع بين تلاوة اللفظ ودراية المعنى، والثالث لمن ضمَّ إليهما تعليم المستفيدين، وإرشاد الطالبين، وبيان حقائقهما وكشف ما فيهما من الرموز والحقائق واللطائف عليهم، وإحياء القلوب الجامدة وتهييج نفوسهم الخامدة حتى طاروا من حضيض الجهالة والبطالة إلى أمواج العرفان واليقين .. وقال الطيبي: إذا تفاوتت المشبهات لزم تفاوت المشبه في التظليل بالغمامة دون التظليل بالغيابة، إذ الأول عام في كل أحد، والثاني يختص بمثل الملوك، والثالث الرفع كما كان لسليمان - عليه السلام -. يُنظر: "فيض القدير" (٢/ ٦٤)، "مرقاة المفاتيح" للملا علي القاري (٤/ ١٤٦٠).
(٦) قال النووي في "شرح مسلم" (٦/ ٩٠): قال أهل اللغة: الغمامة، والغياية: كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه، من سحابة وغيرها. قال العلماء: المراد أنَّ ثَوَابَهُمَا يأتي كغمامتين. وزاد الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (٤/ ١٤٦٠)، فقال: أَوْ هُمَا يَتَصَوَّرَانِ، وَيَتَجَسَّدَانِ، وَيَتَشَكَّلَانِ. وقال - أي القاري -: والغَيَايَتَانِ: وهي بالياءين؛ ما يكون أَدْوَنَ منهما في الكثافة، وأقرب إلى رَأْسِ صَاحِبِهِمَا كما يُفْعَلُ بالمُلُوكِ فيحصُلُ عنده الظِّلُّ والضَّوْءُ جَمِيعًا.
(٧) قال النووي في "شرح مسلم" (٦/ ٩٠ - ٩١): الفِرْقَان - بكسر الفاء، وإسكان الراء -، وفي الرواية الأخرى: "الحزقان" - بكسر الحاء المهملة، وإسكان الزاي -: معناهما واحد وهما قطيعان، وجماعتان.
(٨) قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (٤/ ١٤٦٠): صَوَافَّ: جَمْعُ صَافَّةٍ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ الْوَاقِفَةُ عَلَى الصَّفِّ، أَوِ الْبَاسِطَاتُ أَجْنِحَتُهَا مُتَّصِلًا بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، وَهَذَا أَبْيَنُ مِنَ الْأَوَّلَيْنِ إِذْ لَا نَظِيرَ لَهُ فِي الدُّنْيَا إِلَّا مَا وَقَعَ لِسُلَيْمَانَ - عليه السلام -.
(٩) تُحَاجَّانِ: أَيِ أنَّ السُّورَتَانِ تُدَافِعَانِ الجَحِيمَ، والزَّبَانِيَةَ، أو تُجَادِلَانِ، وَتَخْصِمَانِ الرَّبَّ، أو الخَصْم عَنْ أَصْحَابِهِمَا؛ وهو كِنَايَةٌ عن المُبَالَغَةِ في الشَّفَاعَةُ. يُنظر المصدر السابق ..
(١٠) قال الطِّيبِيُّ: هذا تَخْصِيصٌ بعد تَخْصِيصٍ بعد تَعْمِيمٍ، أَمَرَ أولًا بقراءة القُرْآنِ وعلَّق به الشَّفاعة، ثُمَّ خصَّ الزَّهْرَاوَيْنِ وأناط بهما التَّخَلُّص مِنْ العذاب، ثُمَّ أفرد البقرة وأناط بها أمورًا ثلاثة؛ فقال: "فَإِنَّ أَخْذَهَا": أيِ المواظبة على تلاوتها، والتَّدَبُّرِ في معانيها، والعمل بما فيها، "بَرَكَةٌ": أي مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ، "وَتَرْكهَا حَسْرَةً": أي نَدَامَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ. "مرقاة المفاتيح" (٤/ ١٤٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>