للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يكون وَلَدًا لَهُ، وَيَتَوَارَثَانِ؛ وعلى تقدير كونه من غير السَّابي لا يَتَوَارَثَانِ هو ولا السَّابي، لِعَدَمِ القرابة، بل له استخدامه لأّنه مَمْلُوكُهُ، فتقدير الحَدِيث: أنه قد يستلحِقُهُ، وَيَجْعَلُهُ ابنًا لَهُ، ويُورِّثُهُ، مع أنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ تَورِيثُهُ؛ لِكَوْنِهِ ليس منه، ولا يَحِلُّ تَوَارُثُهُ وَمُزَاحَمَتُهُ لباقي الوَرَثَةِ، وقد يَسْتَخْدِمُهُ استِخْدَامَ العَبِيدِ، وَيَجْعَلُهُ عَبْدًا يَتَمَلَّكُهُ، مَعَ أَنَّهُ لا يَحِلُّ له ذلك؛ لكونه منهُ، إذا وَضَعَتْهُ لِمُدَّةٍ مُحْتَمِلَةِ كَوْنِهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِامْتِنَاعُ من وَطْئِهَا خَوْفًا من هذا المَحْظُور، فَهَذا هُوَ الظَّاهِرُ في معنى الحَدِيثِ.

• وأخرج الإمام أحمد في "مسنده" من حديث رُوَيْفِعِ بن ثابت، قال: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنْ تُوطَأَ الأَمَةُ حَتَّى تَحِيضَ، وَعَنِ الْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ» (١)

• وعند أبي داود، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يَحِلُّ لامرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يَسْقِيَ مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ» - يَعْنِي: إِتْيَانَ الْحَبَالَى - «وَلا يَحِلُّ لامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَقَعَ عَلَى امْرَأَةٍ مِنَ السَّبْيِ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا، وَلا يَحِلُّ لامْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَبِيعَ مَغْنَمًا حَتَّى يُقْسَمَ». والحديث أخرجه الترمذي (٢)، بنحوه، وقال: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وقد رُوِيَ من غَيْرِ وَجْهٍ عن رُوَيْفِعِ بن ثَابِتٍ، وَالعَمَلُ على هذا عند أهل العلم: لا يَرَوْنَ لِلرَّجُلِ إذا اشْتَرى جارية وهي حَامِلٌ أن يَطَأَهَا حَتَّى تَضَع، وفي الباب عن أبي الدَّرْدَاءِ، وابن عبَّاس، والعِرْبَاض بن سَارِيَة، وأبي سَعِيدٍ. (٣)

خامسًا: - النظر في كلام المصنف على الحديث:

- لم يتكلم المصنف رضى الله عنه على هذا الحديث بشيءٍ كعادته، وإنَّما تكلَّم غيره، فقال الإمام الدَّارقطني: قال لنا ابنُ صَاعِدٍ: وما قال لنا في هذا الإِسْنَادِ أَحَدٌ عَنِ ابنِ عَبَّاسِ إِلَّا العابدي. (٤)

وقال الدَّارقطني أيضًا: تَفَرَّد بِهِ عبد الله بن عِمْرَان، عَن ابن عُيَيْنَة، عن عَمرو بن مُسْلِم. (٥)

- ومِمَّا سبق في التخريج يَتَّضح صحة ما قاله ابن صاعد، والدَّارقطني، وأنَّ عبد الله بن عِمْران قد تَفَرَّد بوصل هذا الحديث عن ابن عُيَيْنَة - والله أعلم -.

* * *


(١) أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (١٦٩٩٣)، وإسناده حسنٌ.
(٢) أخرجه أبو داود في "سننه" (٢١٥٨) ك/النكاح، ب/ فِي وَطْءِ السَّبَايَا، والترمذي في "سننه" (١١٣١) ك/النكاح، ب/ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي الجَارِيَةَ وَهِيَ حَامِلٌ.
(٣) ولمزيد من الشواهد، يُنظر: "المصنف" لابن أبي شيبة (٤/ ٣٧٠)، "مجمع البحرين" (٤/ ٢٣٥)، "مجمع الزوائد" (٤/ ٢٩٩ - ٣٠٠ و ٥/ ٤)، "نصب الراية" (٣/ ٢٣٣ - ٢٣٤)، "التلخيص الحبير" (١/ ٣٠٣)، "الدراية في تخريج أحاديث الهداية" (٢/ ٢٣٠ - ٢٣١)، "إرواء الغليل" (حديث ١٨٧ و ٢١٣٧ و ٢١٣٨).
(٤) يُنظر: "السنن" للدارقطني (٣٦٤٠).
(٥) يُنظر: "أطراف الغرائب والأفراد" لابن القيسراني (٢٥٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>