للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثاً: - الحكم على الحديث:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "ضَعيفٌ"؛ لأجل سُويد بن عبد العزيز، والمُغيرة بن قيس، كلاهما ضَعيفان، وللحديث مُتابعاتٌ في "الصحيحين"، وغيرهما مِنْ طُرُقٍ عِدَّة عن سُليمان بن طَرْخان التَّيميِّ، عن أبي عُثْمان النَّهْديِّ، عن أُسامة بن زيدٍ - رضي الله عنه -، كما سبق، فيرتقي الحديث بها إلى "الصحيح لغيره".

والحديثُ أخرجه الترمذي في "سننه"، وقال: هذا حديثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ. وأخرجه أبو نُعيم في "الحلية"، وقال: هذا حديثٌ صَحِيحٌ ثَابِتٌ.

رابعاً: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن المُغِيرَةِ إلا سُوَيْد بن عَبْدِ الْعَزِيزِ. (١)

قلتُ: ومِنْ خلال مَا سبق يَتَّضح صحة ما قاله المُصَنِّف - رضي الله عنه -.

خامساً: - التعليق على الحديث:

حَذَّر الإسلام مِنْ الفتنة بالنساء، فالشهوة أمرها خطيرٌ، وشرها جسيمٌ، فكم من عابدٍ لله حولته الشهوة إلى فاسق، وكم من عالم حولته إلى جاهل، وكم أخرجت أناسا من الدين كانوا في نظر من يعرفهم أبعد الناس عن الضلال والانحراف.

قال الحافظ ابن كثير: في تفسير قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ} (٢): يُخبر تعالى عمَّا زُيِّن للنَّاس في هذه الحياة من أنواع الملاذ من النساء والبنين، فبدأ بالنساء لأنَّ الفتنة بهن أشد كما ثبت في "الصحيح" أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ»، فأمَّا إذا كان القصد بهنَّ الإعفاف وكثرة الأولاد فهذا مطلوبٌ مرغوبٌ فيه، مندوبٌ إليه، كما وردت الأحاديث بالترغيب في التزويج والإكثار منه، وعن ابن عبَّاس قال لسعيدٍ بن جُبير «تَزَوَّجْ فَإِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ أَكْثَرُهَا نِسَاءً» (٣) وقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ». (٤). (٥)

وقال الحافظ ابن حجر: وفي الحديث أن الفتنة بالنساء أشدُّ من الفتنة بغيرهن، ويشهد له قوله تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ} (٦) فجعلهنَّ من حب الشهوات، وبدأ بهنَّ قبل بقية الأنواع إشارة إلى


(١) أخرج المُصَنِّف سبعة أحاديث مِنْ طريق سُويد بن عبد العزيز عن المُغيرة بن قيس، مِنْ الحديث رقم (٥٦٤) إلى الحديث رقم (٥٧٠)، ثُمَّ قال: لم يَرْو هذه الأحاديث عن المُغِيرَةِ إلا سُوَيْد بن عَبْدِ العزيز.
(٢) سورة "آل عمران"، آية (١٤).
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٥٠٦٩) ك/النكاح، ب/كثرة النِّساء.
(٤) أخرجه مُسلمٌ في "صحيحه" (١٤٦٧) ك/النكاح، ب/خَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ.
(٥) يُنظر: "تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (٢/ ١٩).
(٦) سورة "آل عمران"، آية (١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>