للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الصحابة غير كعب، منهم: عبد الله بن عمرو بن العاص عند الطبري والطبراني، وأبو هريرة عند سعيد بن منصور، وابن عُمر عند الطبري، وفضالة الأنصاري عمن لا يتهم من قومه عند الطبري أيضًا، ورواه عن كعب بن عجرة غير المذكورين أبو وائل عند النسائي، ومحمد بن كعب القرظي عند ابن ماجه، ويحيى بن جعدة عند أحمد، وعطاء عند الطبري، وجاء عن أبي قلابة والشعبي أيضًا عن كعبٍ، وروايتهما عند أحمد، لكن الصواب أن بينهما واسطة وهو ابن أبي ليلى على الصحيح. (١)

خامسًا: - التعليق على الحديث:

قال مالكٌ في فدية الأَذَى: إنَّ الأمر فيه أنَّ أَحَدًا لا يَفْتَدِي حتَّى يَفْعَلَ ما يُوجِبُ عليه الفِدْيَةَ، وإِنَّ الكَفَّارَةَ إنَّما تكون بعد وُجُوبِهَا على صَاحِبِهَا، وأنَّه يَضَعُ فِدْيَتَهُ حَيْثُ ما شَاءَ، النُّسُكَ، أو الصِّيَامَ، أو الصَّدَقَةَ بمكة، أو بغيرها مِنَ البلاد؛ ولا يَصْلُحُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يَنْتِفَ مِنْ شَعرِهِ شَيْئًا، ولا يَحْلِقَهُ، ولا يُقَصِّرَهُ، حتى يَحِلَّ، إلا أَنْ يُصِيبَهُ أَذًى في رَأْسِهِ، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى. (٢)

وقال ابن خزيمة: وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ إِنَّ اللَّهَ - عز وجل - أَجْمَلَ فَرِيضَةً، وَبَيَّنَ مَبْلَغَهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صلى الله عليه وسلم -، إِذِ اللَّهُ - عز وجل - أَمَرَ بِالْفِدْيَةِ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ فِي كِتَابِهِ بِصِيَامٍ لَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ عَدَدَ أَيَّامِ الصِّيَامِ، وَلَا مَبْلَغَ الصَّدَقَةِ، وَلَا عَدَدَ مَنْ يُصَدَّقُ بِصَدَقَةِ الْفِدْيَةِ عَلَيْهِمْ، وَلَا وَصَفَ النُّسُكَ، فَبَيَّنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الَّذِي وَلَّاهُ اللَّهُ - عز وجل - بَيَانَ مَا أَنْزَلَ عَلَيْهِ مِنْ وَجْهِ أَنَّ الصِّيَامَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَالصَّدَقَةَ ثَلَاثَةُ آصُعٍ عَلَى سِتَّةِ مَسَاكِينٍ، وَأَنَّ النُّسُكَ شَاةٌ، وَذِكْرُ النُّسُكِ فِي هَذَا الْخَبَرِ هُوَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي يَقُولُ إِنَّ الْحُكْمَ بِالْمِثْلِ وَالشَّبَهِ وَالنَّظِيرِ وَاجِبٌ، فَسُبْعُ بَقَرَةٍ، وَسُبْعُ بَدَنَةٍ فِي فِدْيَةِ حَلْقِ الرَّأْسِ جَائِزٌ أَوْ سُبْعُ بَقَرَةٍ، وَسُبْعُ بَدَنَةٍ يَقُومُ مَقَامَ شَاةٍ فِي الْفِدْيَةِ، وَفِي الْأُضْحِيَّةِ وَالْهَدْيِ، وَلَمْ يَخْتَلِفِ الْعُلَمَاءُ أَنَّ سُبْعَ بَدَنَةٍ، وَسُبْعَ بَقَرَةٍ يَقُومُ كُلُّ سُبْعٍ مِنْهَا مَقَامَ شَاةٍ فِي هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْأُضْحِيَةِ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي ذَلِكَ الْأَمْرِ، قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ عُشْرَ بَدَنَةٍ يَقُومُ مَقَامَ شَاةٍ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَمَنْ أَجَازَ عُشْرَ بَدَنَةٍ فِي ذَلِكَ كَانَ لِسُبْعِهِ أَجوزَ إِذِ السُّبْعُ أَكْثَرُ مِنَ الْعُشْرِ، واعلم أَنَّ اللَّهَ - عز وجل - قَدْ يُوجِبُ الشَّيْءَ فِي كِتَابِهِ بِمَعْنًى، وَقَدْ يَجِبُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِغَيْرِ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي أَوْجَبَهُ اللَّهُ فِي الْكِتَابِ إِمَّا

عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ الْمُصْطَفَى - صلى الله عليه وسلم - أَوْ عَلَى لِسَانِ أُمَّتِهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ - عز وجل - إِنَّمَا أَوْجَبَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ فِي رَأْسِهِ أَوْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ فَحَلَقَ رَأْسَهُ، وَقَدْ تَجِبُ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ هَذِهِ الْفِدْيَةُ عَلَى حَالِقِ الرَّأْسِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ، وَلَا كَانَ مَرِيضًا، وَكَانَ عَاصِيًا بِحَلْقِ رَأْسِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِرَأْسِهِ أَذًى، وَلَا كَانَ بِهِ مَرِضٌ. (٣)

* * *


(١) يُنظر: "فتح الباري" (٤/ ١٣).
(٢) يُنظر: "الموطأ" برواية يحيى بن يحيى الليثيّ (١/ ٥٥٨).
(٣) يُنظر: "صحيح ابن خزيمة" عقب الحديث (٢٦٧٨). ومَنْ رام المزيد فليُراجع: "فتح الباري" لابن حجر (٤/ ١٣ - ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>