للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمِن خلال ما سبق يَتَبَيَّن أنَّ الوجه الثاني (الموقوف) لعلَّه هو الأقرب إلى الصواب؛ للقرائن الآتية:

١) أنَّ الوجه الثاني قد رواه عُمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي، وعُمرٌ هذا: "ثِقَةٌ، مِنْ أثبت النَّاس في الأوزاعيّ"، وقد صَحَّ الإسناد إليه، ولم يُخْتلف عليه في هذا الحديث.

٢) أنَّ الوجه الأول (المرفوع) في إسناده مُعاوية بن أبي العبَّاس: "كان يَسْرق أحاديث الثوري، فتركوه"، مع مخالفته لمَا رَوَاه الأوزاعي عن إسماعيل بن عُبيد الله.

٣) أمَّا الوجه الثالث فقد رواه عَمرو بن هاشم البَيْرُوتي عن الأوزاعي، وقد اختُلِف فيه على عَمرو بن هاشم: فَرُوي عنه مَرَّة بالوجه الثاني (الموقف)، ورُوي عنه مَرَّة بالوجه الثالث (المرسل)، وعَمروٌ هذا "ليس بذاك في الأوزاعي" فدَّل ذلك على أنَّه لم يَضبط هذا الحديث عن الأوزاعي، فَيُرجح مِنْ الوجهين ما تُوبع عليه، وقد تابعه عُمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي بالوجه الثاني (الموقوف).

وأمَّا متابعة الثوري له على الوجه الثالث (المرسل): فقد رواها قَبِيْصَةُ بن عُقْبة عن الثوري، وقد تكلَّموا في روايته عن الثوري، وقد اختُلف فيه أيضاً على قبيصة مِمَّا يدل على أنَّه لم يَضبط هذا الحديث عن الثوري، فلعلَّه مِمَّا أخطأ فيه عن الثوري.

قلتُ: وأمَّا ترجيح الإمام أبي حاتمٍ وأبي زُرْعة للوجه الثالث (المرسل)، فهو صحيحٌ باعتبار ما ذكره فقط، بدون رواية عُمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي، فلعلَّه لم يَقف عليها أو غير ذلك مِنْ الأسباب، فالله أعلم.

خامساً: - الحكم على الحديث:

أ الحكم على الحديث بإسناد الطبراني:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "ضَعيفٌ جداً"؛ لأجل مُعاوية بن أبي العبَّاس "كان يَسْرق أحاديث الثوري فَيَرويها عن شُيوخه، فتركوه"، وقد خالف ما رواه الثقات عن إسماعيل بن عُبيد الله.

قال الهيثمي: فيه مُعَاوِيَةُ بن أبي العبَّاس، لم أعرفه، وبقيَّةُ رجاله ثِقَاتٌ. (١) قلتُ: بل سبق بيانه.

ب الحكم على الحديث بالوجه الراجح (بإسناد الآجري في "الشريعة" عن عُمر بن عبد الواحد):

مِنْ خلال ما سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث مِنْ الوجه الراجح (الموقوف) بإسناد الآجري في "الشريعة" بسنده عن عُمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي عن إسماعيل بن عُبيد الله عن عليّ بن عبد الله بن عبَّاس عن أبيه: "إسناده صحيحٌ"، وهو مِنْ الموقوف الذي له حكم الرفع، فمثله لا يُقال إلا بتوقيفٍ، والله أعلم.

قلتُ: والحديث أخرجه الطبري وابن أبي حاتمٍ والطبراني وغيرهم، مِنْ طُرُقٍ عن عَمرو بن هاشم البَيْرُوتي عن الأوزاعي، به. وقال الهيثمي: إسناد الطبراني في "الكبير" حسنٌ. (٢)

وقال ابن كثير: رواه ابن جرير مِنْ طريق الأوزاعي بسنده عن ابن عبَّاس، وإسناده صحيحٌ إلى ابن عبَّاس، ومِثْلُ هذا لا يُقال إلا عن توقيف.


(١) يُنظر: "مجمع الزوائد" (٧/ ١٣٩).
(٢) يُنظر: "مجمع الزوائد" (٧/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>