للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأوزاعي، ولم يذكر بقية الطرق عن الأوزاعي بهذا الوجه، ثم ذكر قول أبي حاتم: بأنَّه غلطٌ، وأنَّه مِمَّا أُنْكر على عَمرو بن هاشمٍ، ثُمَّ رجح الوجه المرسل كما سبق بيانه.

مع العلم أنَّ عَمرو بن هاشم قد اختُلف عنه في هذا الحديث، فَرواه مَرَّةً عن الأوزاعي عن إسماعيل بهذا الوجه الموقوف، ورَواه مَرَّة عن الأوزاعي عن إسماعيل بالوجه الثالث المرسل كما سبق، وهذا بخلاف عُمر بن عبد الواحد فلم يُختلف عليه في هذا الحديث.

الثالث: ما رواه البيهقي مُعلَّقاً عن يحيى بن اليمان عن سُفْيان الثوري - بإحدى الأوجه عنه - عن الأوزاعي عن إسماعيل بن عُبيد الله، به. ويحيى بن اليَمان: ضَعَّفَه أحمد بن حنبل، وقال: حدَّث عن الثوري بعجائب لا أدري لم يزل هكذا أو تَغَيَّر حين لقيناه أو لم يزل الخطأ في كتبه، وروى مِنْ التفسير عن الثوري عجائب. وقال وكيع: هذه الأحاديث التي يحدِّث بها يحيى بن يمان ليست من أحاديث الثوري. وقال ابن معين: ليس بالقوي في حديثه عن سُفيان. (١)

الوجه الثالث: إسماعيل بن عُبَيْد اللَّه، عن عليِّ بن عبد اللَّه بن عَبَّاسٍ (مُرْسلاً).

وأمَّا هذا الوجه (المرسل) فقد رواه الأوزاعيّ أيضاً، وجاء عنه مِنْ طريقين، وهما:

الأول: ما أخرجه ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبي زُرْعة عن عَمرو بن هاشم البَيْروتي - بإحدى الأوجه عنه - عن الأوزاعيّ عن إسماعيل بن عُبيد الله، به (مُرْسلاً).

قلتُ: وعَمرو بن هاشم: "ليس بذاك في الأوزاعي"، وقد اختُلف عنه في هذا الحديث كما سبق بيانه.

ومع ذلك فقد قال ابن أبي حاتم بعد أنْ أخرج الحديث بهذا الوجه: أَحْسَبُ أنَّ أبا زُرْعَةَ سَمِعَه مِنْ عَمْرو بن هاشم بمكة على الصِّحَّةِ، ثم لعلَّه لُقِّنَ بعدَ ذلك: «عَنْ أَبِيهِ»، فَتَلَقَّنَ؛ فسمع مُوسَى بن سَهْلٍ منه على تلقين الخطأ. وذكر أنَّ أبا حاتم وأبا زُرْعة قد رَجَّحَا هذا الوجه.

قلتُ: لكنَّ عَمرو بن هاشم لم يَنْفرد عن الأوزاعي بذكر "أبيه"، بل تابعه عُمر بن عبد الواحد عن الأوزاعيّ، وعُمر هذا "ثِقَةٌ" مِنْ أثبت النَّاس في الأوزاعي، مع صحة الإسناد إليه، وعدم الاختلاف عنه في هذا الحديث؛ فلعلَّ ابن أبي حاتم - رضي الله عنه - قد جانبه الصواب في الاحتمال الذي ذكره، والله أعلم.

الثاني: ما أخرجه غير واحدٍ مِنْ طُرقٍ عن قَبِيْصة عن الثوري عن الأوزاعي عن إسماعيل، به (مُرْسلاً).

قلتُ: وقَبيصة بن عُقْبة قد تكلَّموا في روايته عن الثوري، فقال ابن معين: ثقةٌ إلا في حديث الثوري ليس بذلك القوى، فإنَّه سَمِع وهو صغير. وقال أحمد: كان كثير الغلط في روايته عن سُفْيان، وكان صَغيراً لا يضبط. وقال الذهبي: الرَّجل ثِقَةٌ، وما هو في سُفْيَانَ كابن مَهْدِيٍّ، ووكِيْعٍ، وقد احْتَجَّ به الجماعةُ في سُفْيَانَ وغيره. (٢) وقد اختُلف فيه على قَبِيْصة كما سبق، وقد خالفه يحيى بن اليمان فرواه عن الثوري (موقوفاً)، كما سبق بيانه في الوجه الثاني.


(١) يُنظر: "شرح علل الترمذي" لابن رجب ٢/ ٥٤١، "تهذيب الكمال" ٣٢/ ٥٥، "تهذيب التهذيب" ١١/ ٣٠٦.
(٢) "الجرح والتعديل" ٧/ ١٢٦، "شرح علل الترمذي" لابن رجب ٢/ ٥٣٩، "التهذيب" ٢٣/ ٤٨١، "سير النبلاء" ١٠/ ١٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>