للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي بعض طرق الحديث أنَّ عُثمان بن طلحة كان فيمن دخل الكعبة يومها مع النَّبي - صلى الله عليه وسلم -:

- فأخرج البخاري في "صحيحه" (١٥٩٨)، ك/الحج، ب/إغلاق البَيْتِ ويُصَلِّي في أيِّ نواحي البَيْتِ شاء، عن ابن شِهَابٍ، عن سَالِمٍ، عن أَبِيه، أَنَّهُ قال: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - البَيْتَ هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِلالٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ، فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا فَتَحُوا كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلجَ، فَلَقِيتُ بِلالا فَسَأَلْتُهُ: هَلْ صَلَّى فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: نَعَمْ بَيْنَ العَمُودَيْنِ اليَمَانِيَيْنِ.

- وأخرج الإمام مُسلمٌ في "صحيحه" (١٣٢٩)، ك/الحج، ب/اسْتِحْبَاب دُخُولِ الكعبة للحَاجِّ وغيره، والصَّلاة فيها والدُّعاء في نَوَاحِيهَا كُلِّهَا، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ الْكَعْبَةَ هُوَ وَأُسَامَةُ، وَبِلالٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ الْحَجَبِيُّ، فَأَغْلَقَهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ مَكَثَ فِيهَا. قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَسَأَلْتُ بِلالا، حِينَ خَرَجَ: مَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَ: جَعَلَ عَمُودَيْنِ عَنْ يَسَارِهِ، وَعَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ، وَثَلاثَةَ أَعْمِدَةٍ وَرَاءَهُ - وَكَانَ الْبَيْتُ يَوْمَئِذٍ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ - ثُمَّ صَلَّى.

رابعاً: - النظر في كلام المصنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصنِّف - رضي الله عنه -: لم يَرْوِه عن ابن أبي مُلَيْكَة إلَّا عَبْدُ اللَّهِ بن المُؤَمَّل، تَفَرَّدَ به: مَعْنُ.

قلتُ: مِنْ خلال ما سبق في التخريج يتضح جلياً صحة كلام المُصنِّف - رضي الله عنه -.

خامساً: - التعليق على الحديث:

اشتهر في كتب التفسير أنَّ هذا الحديث هو سبب نزول قول الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (٥٨)} (١)

قال أبو جعفر الطبري: اختلف أهل التأويل فيمن عُني بهذه الآية:

فقال بعضهم: عني بها ولاة أمور المسلمين.

وقال آخرون: الذي خوطب بذلك النبيّ - صلى الله عليه وسلم - في مفتاح الكعبة، أمر برَدّها على عثمان بن طلحة.

قال: وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي، قولُ من قال: هو خطاب من الله ولاةَ أمور المسلمين بأداء الأمانة إلى من وَلُوا أمره في فيئهم وحقوقهم، وما ائتمنوا عليه من أمورهم، بالعدل بينهم في القضية، والقَسْم بينهم بالسوية. يدل على ذلك ما وَعظ به الرعية بقوله تعالى {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (٢) فأمرهم بطاعتهم، وأوصى الرّاعي بالرعية، وأوصى الرعية بالطاعة. (٣)

وقال ابن كثير (٤): وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، وسبب نزولها فيه لما أخذ منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مفتاح الكعبة يوم الفتح، ثم رده عليه. وهذا من


(١) سورة "النساء"، آية (٥٨).
(٢) سورة "النساء"، آية (٥٩).
(٣) يُنظر: "جامع البيان في تأويل القرآن" (٨/ ٤٩٠ - ٤٩٢).
(٤) يُنظر: "تفسير القرآن العظيم" (٢/ ٣٤٠ - ٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>