للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ ابْنِ سَابِطٍ، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - نَاوَلَ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ الْمِفْتَاحَ مِنْ وَرَاءِ الثَّوْبِ.

قلتُ: وهذا مُرْسلٌ رجاله ثقاتٌ، وابن سابط هو: عبد الرحمن، وأبو السَّواد هو: عمرو بن عِمْران النهدي، وسُفيان: أظنه الثوري، والله أعلم.

• وأخرج أبو الوليد الأزرقي في "أخبار مكة" (٣١٤) - ومن طريقه الواحدي في "التفسير" (٢/ ٧٠)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٨/ ٣٨٩) -، عن سَعِيد بن سالم، عن ابن جُرَيْجٍ، عن مُجَاهِد في قوله عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (١) قَالَ: نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ حِينَ قَبَضَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِفْتَاحَ الْكَعْبَةِ وَدَخَلَ بِهِ الْكَعْبَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ، فَخَرَجَ وَهُوَ يَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ، فَدَعَا عُثْمَانَ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ، وَقَالَ: «خُذُوهَا يَا بَنِي أَبِي طَلْحَةَ بِأَمَانَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ، لا يَنْزِعُهَا مِنْكُمْ إلا ظَالِمٌ».

قلتُ: وهذا مُرسلٌ ضعيفٌ؛ فيه: سعيد بن سالم القَدَّاح قال الحافظ ابن حجر: "صدوقٌ يَهِمُ" (٢). وابن جُرَيْج يُدلس وقد عنعنه. وأمَّا مراسيل مُجاهد، فقال عنها يَحيى القَطّان: مُرسلات مُجاهد أحبُّ إليَّ مِن مُرسلات عَطاء بكَثِير. وبنحوه قال ابن المديني، وأبو داود. (٣) وهو إمام في القراءة والتفسير، حُجَّةٌ (٤) فروايته لهذا الحديث يقوى حال الحديث إذا سَلِمَ الإسناد إليه.

إلا أنَّ هذا الشاهد عن مُجاهد لا يُقوي روايتنا من الوجه الراجح - عن ابن جُريج، عن ابن أبي مُليكة - أخشى - والله أعلم - أن يكون ابن جُريج سمعه من ابن أبي مُليكة عن مُجاهد، فرواه مَرَّة عن ابن أبي مُليكة مُرسلاً، ثُمَّ دلَّسه مَرَّة عن مُجاهد؛ فقد صرَّح بالسماع من ابن أبي مُليكة، ورواه بالعنعنة عن مُجاهد. (٥)

تنبيه: ثَبَتَ في "الصحيح" أنَّ المفتاح كان مع عثمان بن طلحة، وأخذه منه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح: فأخرج الإمام مسلمٌ في "صحيحه" (١٣٢٩)، ك/الحج، ب/اسْتِحْبَاب دُخُولِ الكعبة للحَاجِّ وغيره والصَّلاة فيها والدُّعاء في نَوَاحِيهَا كُلِّهَا، عن أيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عن نافعٍ، عن ابن عُمَرَ، قال: أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَامَ الْفَتْحِ عَلَى نَاقَةٍ لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، حَتَّى أَنَاخَ بِفِنَاءِ الْكَعْبَةِ، ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ، فَقَالَ: «ائْتِنِي بِالْمِفْتَاحِ»، فَذَهَبَ إِلَى أُمِّهِ، فَأَبَتْ أَنْ تُعْطِيَهُ، فَقَالَ: وَاللهِ، لَتُعْطِينِهِ أَوْ لَيَخْرُجَنَّ هَذَا السَّيْفُ مِنْ صُلْبِي، قَالَ: فَأَعْطَتْهُ إِيَّاهُ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ، فَفَتَحَ الْبَابَ.


(١) سورة "النساء"، آية (٥٨).
(٢) يُنظر: "التقريب" (٢٣١٥).
(٣) يُنظر: "تهذيب الكمال" (٢٧/ ٢٢٨).
(٤) يُنظر: "التقريب" (٦٤٨١)، "الكاشف" (٢/ ٢٤١).
(٥) قال البرديجي: لم يسمع ابن جُرَيْج مِن مُجاهد إلا حرفاً واحداً. وقال الدَّارقطني: تجنب تدليس ابن جُريج؛ فإنه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح، مثل: إبراهيم بن أبي يحيى، وموسى بن عبيدة، وغيرهما، وأمَّا ابن عيينة فكان يُدلس عن الثقات. يُنظر: "تهذيب التهذيب" (٦/ ٤٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>