للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

• وأخرجه مُسلمٌ في "صحيحه" (٢٠٥٢/ ١ - ٤)، ك/الأشربة، ب/فضيلة الخل والتَّأدم به، مِنْ طُرُقٍ عن أبي سُفيان طلحة بن نافع، عن جابر بن عبد الله أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - سَأَلَ أَهْلَهُ الأُدُمَ، فَقَالُوا: مَا عِنْدَنَا إِلا خَلٌّ، فَدَعَا بِهِ، فَجَعَلَ يَأْكُلُ بِهِ، وَيَقُولُ: «نِعْمَ الأُدُمُ الْخَلُّ، نِعْمَ الأُدُمُ الْخَلُّ». وفي رواية، قال: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِيَدِي ذَاتَ يَوْمٍ إِلَى مَنْزِلِهِ، فَأُخْرَجَ إِلَيْهِ فِلَقًا مِنْ خُبْزٍ، فَقَالَ: «مَا مِنْ أُدُمٍ؟» فَقَالُوا: لا إلا شَيْءٌ مِنْ خَلٍّ، قَالَ: «فَإِنَّ الْخَلَّ نِعْمَ الأُدُمُ»، قَالَ جَابِرٌ: فَمَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ نَبِيِّ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وقَالَ طَلْحَةُ: مَا زِلْتُ أُحِبُّ الْخَلَّ مُنْذُ سَمِعْتُهَا مِنْ جَابِرٍ.

ثانياً: - دراسة الإسناد:

١) أحمد بن علي بن مسلم الأَبَّار: "ثِقَةٌ حافظٌ مُتْقنٌ زاهدٌ"، تقدم في الحديث رقم (٦٠٨).

٢) سُليْمَان بن النُّعمان، أبو أيوب الشَّيْبانيّ البَصْريُّ.

روى عن: حفص بن سُليمان.

روى عنه: أحمد بن علي الأَبَّار، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وآخرون.

حاله: قال أبو حاتم: شَيْخٌ. (١)

وذكره ابن حبَّان في "الثقات".


(١) قال الذهبي في "الميزان" (٢/ ٣٨٥)، في العباس بن الفضل: سمع منه أبو حاتم، وقال: شيخٌ، فقوله: شيخ ليس هو عبارة جرح، ولهذا لم أذكر في كتابنا أحداً ممن قال فيه ذلك، ولكنها أيضا ما هي عبارة توثيق، وبالاستقراء يلوح لك إنه ليس بحجة.
قلتُ: وفَسَّر ابن أبي حاتم لفظة "شيخٌ" في كلام أبيه بأنَّه "صدوقٌ"، ففي ترجمة أحمد بن محمد بن أيوب الواسطي مِنْ "الجرح والتعديل" (٢/ ٧١)، قال: محله الصدق كتبنا عنه مع أبي، سئل أبي عنه فقال: شيخ. وفي ترجمة عَبَّاد بن الوليد بن خالد الغُبَري (٦/ ٨٨)، قال: سَمعت منه مع أبي، وهو: صدوقٌ، سُئل أبي عنه، فقال: شَيْخٌ. وعَبَّاد بن الوليد هذا ذكره ابن حبَّان في "الثقات" (٨/ ٤٣٦)، واعتمد الحافظ ابن حجر كلام ابن أبي حاتم في هذا الراوي فقال في "التقريب" (٣١٥١): صدوقٌ. ولم أقف على كلام أحد مِنْ أهل العلم فيه غير ذلك. يُنظر: "تهذيب الكمال" (١٤/ ١٧٢)، "تهذيب التهذيب" (٥/ ١٠٨). وبيَّن ابن أبي حاتم في باب بيان درجات رواة الآثار (٢/ ٣٧)، بأنَّ مَنْ قيل فيه "شَيْخٌ" فهو مِثْلُ الصدوق "يُكتب حديثه ويُنظر فيه"، لكنَّه في مرتبةٍ دون الصدوق، فقال: إذا قيل في الراوي إنَّه صدوق أو محله الصدق أو لا بأس به فهو مِمَّن يُكتب حديثه ويُنظر فيه وهي المنزلة الثانية، وإذا قيل شيخٌ فهو بالمنزلة الثالثة يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية.

قلتُ: مِنْ مجموع ذلك يَتَبَيَّن أنَّ مَنْ قال فيه أبو حاتم "شَيخٌ"، فهو مِمَّنْ يُكتب حديثه، ويُنظر فيه، فُيُحتجُ به عند عدم المخالفة، فكيف إذا تُوبع!؛ وعليه فمُراد الذهبي بقوله: "وبالاستقراء يلوح لك إنه ليس بحجة"، أي عند المخالفة، والله أعلم.
قلتُ: وهذا في الروي الذي قال فيه أبو حاتم "شَيْخٌ"، دون أنْ يُقْرن ذلك بعبارة أخرى؛ فالمُتَتَبع لكتاب "الجرح والتعديل" يقف على تراجم كثيرة يقول أبو حاتم فيها "شَيخٌ"، لكنه يُقرن ذلك أحياناً بلفظ توثيق، فيقول: "شَيْخٌ ثِقَةٌ"، أو "شَيْخٌ لا بأس به"، يُنظر: "الجرح والتعديل" (٢/ ١١٣ و ٢/ ١٦١ و ٢/ ٣٢٤ و ٣/ ٨٨)، وأحياناً يُقرنها بلفظ تضعيف، فيقول: "شيخٌ ضَعيفُ، أو "شَيخٌ ليس بالقوي"، أو شيخٌ يأتي بالمناكير، ونحو ذلك، يُنظر: (٢/ ٢٠٦ و ٢/ ٥٤٦ و ٢/ ٣٠٠ و ٢/ ٣١٢ و ٢/ ٣١٥ و ٣/ ٨٢)؛ أو عند انفراد أبو حاتم بالحكم عليه، ولم تقف على أقوال غيره مِنْ أهل العلم المعتبرين، فإذا وجدنا أقوال غيره مِنْ أهل العلم حكمنا عليه بمجموع هذه الأقوال، بما يَتَّفق مع قواعد أهل هذا الفن.
وهذا هو اجتهادي القاصر، وإلا فالموضوع مهم، ويحتاج إلى دراسة مُستقلة، تقوم على التَّتبع والاستقراء، والتحليل، والمقارنة، لمعرفة الصواب في ذلك، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>