للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥) عبد الله بن بُسر (١) بن أبي بسر المازني، أبو بسر، وقيل: أبو صفوان، له ولأبويه صُحبة.

روى عن: النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخته الصَّمَاء. وروى عنه: يزيد بن خُمير، وخالد بن مَعْدان، وحريز بن عثمان، وآخرون. قال الذهبي في "السير": له أحاديث قليلة، وصُحبة يسيرة، ولأخويه وأبيهم صُحبة. (٢)

ثالثًا: - الحكم على الحديث:

مما سبق يتضح أنَّ الأثر بهذا الإسناد "صحيحٌ".

رابعًا: - النظر في كلام المصنف - رضي الله عنه -:

قال المصنف - رضي الله عنه -: لَمْ يَرْوِه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ إِلَّا يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ، تَفَرَّدَ بِهِ: صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو.

قلتُ: مما سبق في التخريج يتضح صحة ما قاله المصنف - رضي الله عنه -.

خامسًا: - التعليق على الحديث:

- ذكر الإمام ابن بطة في "الإبانة الكبرى" جملةً من الأحاديث المرفوعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفيها إعلامه - صلى الله عليه وسلم - لأمته ركوب طريق الأمم قبلهم، وتحذيره إياهم ذلك، ثم قال: فَلَوْ أَنَّ رَجُلًا عَاقِلًا أَمْعَنَ النَّظَرَ الْيَوْمَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ لَعَلِمَ أَنَّ أُمُورَ النَّاسِ تَمْضِي كُلُّهَا عَلَى سُنَنِ أَهْلِ الْكِتَابَيْنِ وَطَرِيقَتِهِمْ، وَعَلَى سُنَّةِ كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَعَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَمَا طَبَقَةٌ مِنَ النَّاسِ وَمَا صِنْفٌ مِنْهُمْ إِلَّا وَهُمْ فِي سَائِرِ أُمُورِهِمْ مُخَالِفُونَ لِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، وَسُنَّةِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - مُضَاهُونَ فِيمَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ وَالْجَاهِلِيَّةِ قَبْلَهُمْ، فَإِنْ صَرَفَ بَصَرَهُ إِلَى السَّلْطَنَةِ وَأَهْلِهَا وَحَاشِيَتِهَا، وَمَنْ لَاذَ بِهَا مِنْ حُكَّامِهِمْ وَعُمَّالِهِمْ؛ وَجَدَ الْأَمْرَ كُلَّهُ فِيهِمْ بِالضِّدِّ مِمَّا أُمِرُوا بِهِ، وَنُصِّبُوا لَهُ فِي أَفْعَالِهِمْ وَأَحْكَامِهِمْ وَزِيِّهِمْ، وَلِبَاسِهِمْ، وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِ النَّاسِ بَعْدَهُمْ مِنَ التُّجَّارِ وَالسُّوقَةِ، وَأَبْنَاءِ الدُّنْيَا وَطَالِبِيهَا مِنَ الزُّرَّاعِ وَالصُّنَّاعِ وَالْأُجَرَاءِ وَالْفُقَرَاءِ وَالْقُرَّاءِ وَالْعُلَمَاءِ إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ.

وَمَتَى فَكَّرْتَ فِي ذَلِكَ وَجَدْتَ الْأَمْرَ كَمَا أَخْبَرْتُكَ فِي الْمَصَائِبِ وَالْأَفْرَاحِ، وَفِي الزِّيِّ وَاللِّبَاسِ وَالْآنِيَةِ وَالْأَبْنِيَةِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْخُدَّامِ وَالْمَرَاكِبِ وَالْوَلَائِمِ وَالْأَعْرَاسِ وَالْمَجَالِسِ وَالْفُرُشِ وَالْمَآكِلِ وَالْمَشَارِبِ، وَكُلِّ ذَلِكَ فَيَجْرِي خِلَافَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِالضِّدِّ مِمَّا أُمِرَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ، وَنُدِبَ إِلَيْهِ الْمُؤْمِنُونَ، وَكَذَلِكَ مَنْ بَاعَ وَاشْتَرَى وَمَلَكَ وَاقْتَنَى وَاسْتَأْجَرَ وَزَرَعَ وَزَارَعَ، فَمَنْ طَلَبَ السَّلَامَةَ لِدِينِهِ فِي وَقْتِنَا هَذَا مَعَ النَّاسِ عُدِمَهَا، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَلْتَمِسَ مَعِيشَةً عَلَى حُكْمِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَقْدَهَا، وَكَثُرَ خُصَمَاؤُهُ وَأَعْدَاؤُهُ وَمُخَالِفُوهُ وَمُبْغِضُوهُ فِيهَا، فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ فَمَا أَشَدَّ تَعَذُّرَ السَّلَامَةِ فِي الدِّينِ فِي هَذَا الزَّمَانِ، فَطُرُقَاتِ الْحَقِّ خَالِيَةٌ مِقْفِرَةٌ مُوحِشَةٌ قَدْ عُدِمَ سَالِكُوهَا وَانْدَفَنَتْ مَحَاجُّهَا، وَتَهَدَّمَتْ صَوَايَاهَا وَأَعْلَامُهَا، وَفُقِدَ أَدْلَاؤُهَا وَهُدَاتُهَا، قَدْ وَقَفَتْ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ عَلَى فِجَاجِهَا وَسُبُلِهَا تُتَخَطَّفُ النَّاسُ عَنْهَا، فَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، فَلَيْسَ يَعْرِفُ هَذَا الْأَمْرَ وَيُهِمُّهُ إِلَّا رَجُلٌ عَاقِلٌ مُمَيِّزٌ، قَدْ أَدَّبَهُ الْعِلْمُ وَشَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ بِالْإِيمَانِ.

ثم ذكر جملة من الآثار الواردة عن الصحابة، ومن بعدهم تدل على ما ذكره في تغير الناس، وبُعْدهم عن


(١) بُسر: بضم الموحدة، وسكون المهملة. يُنظر: "الإصابة في تميز الصحابة" ٦/ ٣٧.
(٢) يُنظر: "معجم الصحابة" للبغوي ٤/ ١٧٠، "معجم الصحابة" لابن قانع ٢/ ٨٠، "معرفة الصحابة" لأبي نُعيم ٣/ ١٥٩٥، "الاستيعاب" ٣/ ٨٧٤، "أسد الغابة" ٣/ ١٨٥، "تهذيب الكمال" ١٤/ ٣٣٣، "السير" ٣/ ٤٣٠، "الإصابة" ٦/ ٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>