للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عن الثوري، بما يقتضي نكارة روايته عنه خاصة عند المخالفة، والانفراد، كما سبق.

الوجه الثاني: سُفْيَان الثوري، عن سَلَمَة بن كُهَيْل، عن الحَسَن العُرَنِيِّ، عن ابن عَبَّاس - رضي الله عنه -.

بينما رواه عن سُفْيان بهذا الوجه جماعة، خاصة وفيهم: وكيع بن الجرَّاح، وعبد الرحمن بن مهدي، والفضل بن دُكين، وهؤلاء مِنْ أثبت النَّاس في سُفْيان الثوري (١)، فكيف إذا انضم إليهم غيرهم؟!

وعليه فالذي يظهر - والله أعلم - أنَّ الوجه الثاني هو المحفوظ عن سُفْيان الثوري؛ للقرائن الآتية:

١) الأكثرية، والأحفظية: فرواة الوجه الثاني أكثر عددًا، وأعلى حفظًا وضبطًا مِنْ رواة الوجه الأول.

٢) إخراج ابن حبَّان لهذا الوجه في "صحيحه".

٣) ترجيح الأئمة لهذا الوجه: قال الإمام أبو موسى محمد بن عُمر المديني: هذا الحديث محفوظ من حديث الثوري، رواه محمد بن كثير وأبو نعيم وغيرهما عنه - أي بالوجه الثاني -. (٢)

رابعاً: - الحكم على الحديث:

أ الحكم على الحديث بإسناد الطبراني:

مِن خلال ما سبق يتبيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "شاذٌ"؛ لأجل بِشْر بن السُّرِيّ "ثقةٌ"، لكنَّه انفَرَد به عن الثوري بالوجه الأول، مع مخالفته لما رواه الثقات مِن أصحاب سُفْيان الثوري - كما سبق -.

تنبيه: الحديث وإنْ كان غير محفوظ برواية الثوري؛ لكنَّه قد ثبت عن حبيب بن أبي ثابت مِن غير طريق الثوري: فأخرجه أبو داود في "سننه" (١٩٤١) ك/الحج، ب/التَّعْجِيل مِنْ جَمْعٍ، مِن طريق حَمْزَة بن حَبِيب بن عُمارة الزَّيَّاتُ؛ وأخرجه ابن عدي في "الكامل" (٣/ ١٨) مِن طريق حَمَّاد بن شُعَيب؛ كلاهما (حمزة، وحمَّاد) عن حَبِيب بن أبي ثابت، عن عَطَاء، عن ابن عبَّاس، قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «يُقَدِّمُ ضُعَفَاءَ أَهْلِهِ بِغَلَسٍ، وَيَأْمُرُهُمْ يَعْنِي: لا يَرْمُونَ الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ».

• بل وصح أيضاً مِن طُرقٍ أُخرى عن عطاءٍ:

- فأخرجه الإمام مُسلمٌ في "صحيحه" (١٢٩٣/ ٣) ك/الحج، ب/ اسْتِحْباب تَقْديم دَفْع الضَّعَفَة مِنَ النِّسَاء وغيرهنَّ مِنْ مُزْدَلِفَة إلى مِنًى في أواخر اللَّيل قبل زحمة النَّاس، مِن طريق سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عن عَمْرو بن دِينار، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «كُنْتُ فِيمَنْ قَدَّمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ». (٣)


(١) يُنظر: "شرح علل الترمذي" (٢/ ٥٣٨ - ٥٤٥).
(٢) يُنظر: " اللطائف من دقائق المعارف في علوم الحفاظ الأعارف" (ص/١٣٠).
(٣) وأخرجه الحُمَيْدي في "مسنده" (٤٦٩)، وابن أبي شيبة في "المُصَنَّف" (١٣٧٥٣) - ومِن طريقه ابن ماجه في "سننه" (٣٠٢٦) ك/المناسك، ب/مَنْ تَقَدَّمَ مِنْ جَمْعٍ لِرَمي الجِمَار -، وأحمد في "مسنده" (١٩٢٠، ٢٤٦٠، ٣١٥٩، ٣٢٢٩)، والبزار في "مسنده" (٤٩٥٦)، والنَّسائي في "الكبرى" (٤٠٢٢) ك/ الحج، ب/ تقديم النِّساء والصِّبْيان إلى مِنًى مِنَ المُزْدَلِفَة، وفي "الصغرى" (٣٠٣٣)، وغيرهم، كلهم مِن طُرقٍ عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عبَّاس، بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>