للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثاً: - الحكم على الحديث:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "ضَعيفٌ"، لأجل رَوَّاد بن الجَرَّاح وإنْ كان صدوقاً في نفسه لكنَّه كما قال ابن حجر "اختلط بآخرة، فتُرك حديثه"، وقد انفرد به عن عبد الملك كما قال الطبراني.

• قلتُ: الحديث ضَعيفٌ، دون قوله: "ويُلَطَّخُ بِدَمِ عَقِيقَتِهِ، ويُتَصَدَّقُ بِوَزْنِ شَعَرِهِ في رَأْسِهِ ذَهَبًا"، فالحديث بهذه الأمور "ضَعيفٌ جداً"، لأجل التفرد مع المخالفة:

- أمَّا التلطيخ بدم عقيقته: فقد صحَّ أنَّ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ذلك، فقد أخرج ابن حبَّان في "صحيحه" بسندٍ صحيحٍ عن عائشة - رضي الله عنه -، قالت: كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا عَقُّوا عَنِ الصَّبِيِّ خَضَبُوا قُطْنَةً بِدَمِ الْعَقِيقَةِ، فَإِذَا حَلَقُوا رَأْسَ الصَّبِيِّ وَضَعُوهَا عَلَى رَأْسِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «اجْعَلُوا مَكَانَ الدَّمِ خَلُوقًا». (١)

وأخرج الإمام أبو داود في "سننه" عن بُرَيْدَةَ بن الحُصَيْب الأسلمي، قال: كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لأحَدِنَا غُلامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا، فَلَمَّا جَاءَ اللَّهُ بِالإسْلام كُنَّا نَذْبَحُ شَاةً، وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ وَنُلَطِّخُهُ بِزَعْفَرَانٍ. (٢)

- وأمَّا التصدق بوزن شعره ذهباً: فهو مُخالفٌ لمَا اتفقت عليه جميع الروايات، قال الحافظ ابن حجر: الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا مُتَّفِقَةٌ عَلَى ذِكْرِ التَّصَدُّقِ بِالْفِضَّةِ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ذِكْرُ الذَّهَبِ. (٣)

• وأمَّا بقية الحديث فله جملةٌ مِنْ الشواهد، نذكر منها ما يلي:

- عن سَمُرَةَ بنِ جُنْدُبٍ - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «كُلُّ غُلامٍ رَهِينَةٌ بِعَقِيقَتِهِ تُذْبَحُ عَنْهُ يَوْمَ سَابِعِهِ وَيُحْلَقُ وَيُسَمَّى». (٤)


(١) أخرجه ابن حبَّان في "صحيحه" (٥٣٠٨).
(٢) أخرجه أبو داود في "سننه" (٢٨٤٣) ك/الضحايا، ب/في العَقِيقَةِ، والطحاوي في "شرح مُشْكِل الآثار" (٣/ ٦٤ و ٣/ ٧٥)، والحاكم في "المستدرك" (٧٥٩٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٩٢٨٨)، وقال الحاكم: هذا حديثٌ صَحِيحٌ على شرط الشَّيخين ولم يُخَرِّجَاهُ. وقال الذهبي: صحيح على شرط البخاري ومسلم. قال الألباني في "إرواء الغليل" (٤/ ٣٨٩): إنما هو على شرط مسلم وحده، فإن الحسين بن واقد لم يخرج له البخاري إلا تعليقا.
(٣) يُنظر: "التلخيص الحبير" (٤/ ٢٧٢).
(٤) أخرجه ابن ماجه في "سننه" (٣١٦٥) ك/الذبائح، ب/العقيقة، وأبو داود في "سننه" (٢٨٣٨) ك/الضحايا، ب/العقيقة، والترمذي في "سننه" (١٥٢٢) ك/الأضاحي، ب/العقيقة، والنَّسائي في "السنن الكبرى" (٤٥٣٢) ك/العقيقة، ب/متى يُعق، كلهم مِنْ طُرُقٍ عن سَعِيد بن أبي عَرُوبَةَ، عن قَتَادَةَ، عن الحسن، عن سَمُرَةَ، به. وقال الترمذي: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ العِلْمِ يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يُذْبَحَ عَنِ الغُلَامِ العَقِيقَةُ يَوْمَ السَّابِعِ، فَإِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ يَوْمَ السَّابِعِ فَيَوْمَ الرَّابِعَ عَشَرَ، فَإِنْ لَمْ يَتَهَيَّأْ عُقَّ عَنْهُ يَوْمَ حَادٍ وَعِشْرِينَ.
وعند البخاري في "صحيحه" عقب الرواية رقم (٥٤٧١)، أخرج بسنده عن حَبِيبِ بن الشَّهِيدِ، قال: أمرني ابنُ سِيرِينَ: أَنْ أَسْأَلَ الحَسَنَ: مِمَّنْ سَمِعَ حَدِيثَ العَقِيقَةِ؟ فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: «مِنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ».

<<  <  ج: ص:  >  >>