سادساً: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:
قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -: لَمْ يَرْوِ هذا الحديث عن عبد الكريم إلا صدقةُ، تَفَرَّدَ به: عُمَرُ.
مِمَّا سبق في التخريج يَتَّضح صحة ما قال المُصَنِّف - رضي الله عنه -؛ ويَتَبَيَّن أنَّ عبارة المُصَنِّف في الحكم على الحديث بالتفرد أدق مِنْ عبارة أبي نُعيم في "الحلية"، كما سبق ذكره والتعليق عليه عند تخريج الوجه الثاني.
سابعاً: - التعليق على الحديث:
قال الحافظ ابن حجر: قوله: "مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا"، المراد بولي الله: العالم بالله، المواظب على طاعته، المخلص في عبادته؛ وقد استُشكل وجود أحد يعاديه، لأن المعاداة إنما تقع من الجانبين، ومن شأن الولي الحلم والصفح عمن يجهل عليه، وأجيب: بأن المعاداة لم تنحصر في الخصومة والمعاملة الدنيوية مثلاً، بل قد تقع عن بغض ينشأ عن التعصب، كالرافضي في بغضه لأبي بكر، والمبتدع في بغضه للسني، فتقع المعاداة من الجانبين، أما من جانب الولي فلله تعالى وفي الله، وأما من جانب الآخر فلما تقدم؛ وقد تطلق المعاداة ويراد بها الوقوع من أحد الجانبين بالفعل ومن الآخر بالقوة.
وقال ابن هبيرة في "الإفصاح": قوله "عَادَى لِي وَلِيًّا" أي اتخذه عدواً، ولا أرى المعنى إلا أنه عاداه من أجل ولايته، وهو وإن تضمن التحذير من إيذاء قلوب أولياء الله ليس على الإطلاق، بل يستثنى منه ما إذا كانت الحال تقتضي نزاعا بين وليين في مخاصمة أو محاكمة ترجع إلى استخراج حق أو كشف غامض، فإنه جرى بين أبي بكر وعمر مشاجرة، وبين العباس وعلي إلى غير ذلك من الوقائع. انتهى ملخصاً موضحاً
وتعقبه الفاكهاني: بأن معاداة الولي لكونه وليا لا يفهم إلا إن كان على طريق الحسد الذي هو تمني زوال ولايته وهو بعيد جداً في حق الولي، فتأمله! قلت (ابن حجر): والذي قدمته أولى أن يعتمد.
وقد استشكل وقوع المحاربة وهي مفاعلة من الجانبين، مع أن المخلوق في أسر الخالق، والجواب: أنه من المخاطبة بما يفهم، فإن الحرب تنشأ عن العداوة، والعداوة تنشأ عن المخالفة، وغاية الحرب الهلاك، والله لا يغلبه غالب؛ فكأن المعنى فقد تعرض لإهلاكي إياه، فأطلق الحرب وأراد لازمه، أي: أعمل به ما يعمله العدو