للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثاً: - النظر في الخلاف على هذا الحديث:

مِمَّا سبق يَتبيَّن أنَّ هذا الحديث مَدَاره على إسرائيل بن يُونس، واختلف عنه مِن وجهين:

الوجه الأول: إسرائيل بن يونس، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن الحارث، عن جُوَيْرِيَة، مِن قولها.

ولم يَروه عن إسرائيل بهذا الوجه إلا مُؤَمَّل بن إسماعيل، وهو "ضَعيفٌ" كما سبق.

الوجه الثاني: إسرائيل بن يُونس، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن الحارث، مِن قوله.

بينما رواه عن إسرائيل بن يُونس بهذا الوجه جماعةٌ مِن الثقات، وفيهم: عُبيد الله بن موسى مِن أثبت أصحاب إسرائيل، كما سبق. ولم يَنْفَرد إسرائيل برواية هذا الوجه عن أبي إسحاق، بل تابعه جماعةٌ مِن الثقات، وكلهم مِن أصحاب أبي إسحاق المُقدَّمين فيه، وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" مِن طريق زُهير بن مُعاوية، وسُفيان الثوري، وأبي الأحوص الكوفي ثلاثتهم عن أبي إسحاق بهذا الوجه.

وعليه؛ فالذي يظهر - والله أعلم - أنَّ الوجه الثاني هو الأقرب إلى الصواب؛ للقرائن الآتية:

١) الأكثرية: فالوجه الثاني رواية الجماعة، بينما انفرد مُؤَمَّل بن إسماعيل بالوجه الأول.

٢) الأحفظية: فرواة الوجه الثاني ثقات، بخلاف مُؤَمَّل راوية الوجه الأول فهو "ضعيفٌ".

٣) وجود متابعات للوجه الثاني، بخلاف الوجه الأول فلم يُتابع إسرائيل عليه مِن وجهٍ يَصحُ.

٤) إخراج البخاري للوجه الثاني في "صحيحه".

٥) ذِكْرُ الأئمة (ابن قانع، وأبو نُعيم، وابن الأثير) لهذا الحديث في ترجمة عَمرو بن الحارث، ولم يَذكره أحدٌ في ترجمة جُوَيْرِيَة.

٦) ترجيح الأئمة للوجه الثاني: فرجَّح الدَّارقطني الوجه الثاني، وقال: وهو الصواب. (١)

رابعاً: - الحكم على الحديث:

أ الحكم على الحديث بإسناد الطبراني:

مِن خلال ما سبق يَتَبيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "مُنْكَرٌ"؛ لأجل مُؤَمَّل بن إسماعيل "ضَعيفٌ"، وقد انفرد به، مَع مُخالفته لِمَا رواه عامةُ الثقات عن إسرائيل بن يُونس.

بينما قال الهيثمي: رَوَاهُ الطبرانيُّ في "الأوسط"، وإسناده حَسَنٌ. (٢) قلتُ: وفيه نظرٌ لا يَخفى.

ب الحكم على الحديث مِن وجهه الراجح:

والحديث مِن وجهه الراجح "صحيحٌ لذاته"، وقد أخرجه البخاري في عِدَّة مواضع مِن "صحيحه".


(١) يُنظر: "العلل" للدَّارقطني (١٥/ ٢٩٢/مسألة ٤٠٣٨).
(٢) يُنظر: "مجمع الزوائد" (٩/ ٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>