للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بُسْرَةَ، ثُمَّ لَمْ يُقْنِعْهُ ذَلِكَ حَتَّى ذَهَبَ إِلَى بُسْرَةَ فَسَمِعَ مِنْهَا، فَالْخَبَرُ عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ بُسْرَةَ، مُتَّصِلٌ لَيْسَ بِمُنْقَطِعٍ. وهذا هو ما جاء مُصَرَّحاً به في بعض الروايات، وصَرَّح به ابن حبَّان، والدَّارقُطني، والحاكم، ومِنْ قبلهم ابن المديني، والترمذي، والبخاري، وغيرهم - كما سبق بيانه في التخريج -، والله أعلم.

خامسًا: - الحكم على الحديث:

أ الحكم على الحديث بإسناد الطبراني:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "شاذٌ"؛ لمخالفة راويه ما رواه عامة الثِّقات عن مالك.

ب الحكم على الحديث مِنْ وجهه الراجح:

ومِمَّا سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث مِنْ وجهه الراجح بالوجهين الثاني والثالث "صَحيحٌ".

والحديث صَححه جمعٌ مِنْ العلماء كابن المديني، والدَّارميّ، والبخاري، والترمذي، وابن خزيمة، وابن حبَّان، والدَّارقُطني، والحاكم - وقد سبقت أحكامهم على الحديث أثناء التخريج -، والله أعلم.

وأسند الدَّارقُطني، قال: حدثنا ابن مخلد، قال: حدثنا أبو داود السجستاني، قال: قلت لأحمد بن حنبل: حديث بُسْرَة في مَسِّ الذَّكَرِ ليس بصحيحٍ، قال: بل هو صحيحٌ، وذلك أن مَرْوَان حَدَّثهم عنها، ثم جاءهم الرسول عنها بذلك. (١)

سادسًا: - النظر في كلام المُصَنِّفُ - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّفُ - رضي الله عنه -: لم يَرْوِ هذا الحديث عن مالكٍ إلا أبو عَلْقَمَةَ، تَفَرَّدَ بِهِ: إبراهيم بن المُنْذِرِ.

قلتُ: ومِمَّا سبق يَتَبَيَّنُ صحة كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه -.

سادسًا: - التعليق على الحديث:

أخرج الإمام أحمد في "مسنده" بسندٍ حسنٍ مِنْ طريق قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَيَتَوَضَّأُ أَحَدُنَا إِذَا مَسَّ ذَكَرَهُ؟ قَالَ: «إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ أَوْ جَسَدِكَ». (٢)

وقد اختلف العلماء في حكم مَسِّ الذَّكر، هل يُوجب الوضوء لحديث الباب، أم لا يوجب الوضوء لحديث طلق بن عليّ الحنفي؛ فذهب بعض أهل العلم إلى أنَّه يُوجبُ الوضوء لحديث الباب، واختلفوا في الجواب عن حديث طلق بن عليّ - رضي الله عنه -، فقال بعضهم بضعفه، وذهب البعض إلى أنَّه مَنْسوخٌ بحديث بُسْرة رضي الله عنها؛ فقال ابن حبَّان: خَبَرُ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ خَبَرٌ مَنْسُوخٌ، لِأَنَّ طَلْقَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ قُدُومُهُ عَلَى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَوَّلَ سَنَةٍ مِنْ سِنِيِّ الْهِجْرَةِ، حَيْثُ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَبْنُونَ مَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، بِالْمَدِينَةِ. وَقَدْ رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ إِيجَابَ الْوُضُوءِ


(١) يُنظر: "العلل" للدَّارقُطني (١٥/ ٣٥٦).
(٢) أخرجه أحمد في "مسنده" (١٦٢٨٦ و ١٦٢٩٢ و ١٦٢٩٥)، وابن ماجه في "سننه" (٤٨٣) ك/الطهارة، ب/ (٦٤) الرخصة في ذلك، وأبو داود في "سننه" (١٨٢ و ١٨٣) ك/الطهارة، ب/الرخصة في ذلك، والترمذي في "سننه" (٨٥) ك/الطهارة، ب/تَرْكِ الوُضُوءِ مِنْ مَسِّ الذَّكَرِ. وقال الترمذي: وهذا الحديث أحسن شيء روي في هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>