للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إشكال على رواية ابن مَهْدي، ووكيع، فهما قد رويا ما سَمِعَاه مِن الثوري، والله أعلم.

وعليه؛ فيتبيَّن مِن خلال ما سبق أنَّ الحديث محفوظٌ بالوجهين الأول، والثالث؛ وأنَّ المُرْسل لا يُعِلُّ الموصول؛ للقرائن الآتية:

١) الأكثرية: فالحديث بالوجه الأول هو رواية الجماعة، بينما لم يروه بالوجه الثالث إلا عبد الرحمن بن مَهْدي، ووكيعٌ بن الجَرَّاح، والفريابي.

٢) وجود متابعات للثوري بالوجه الأول: فقد تُوبع سُفيان على روايته بالوجه الأول، بينما لم يُتابع على روايته بالوجه الثالث، مِمَّا يُؤَكد أنَّ الحمل فيه على سُفْيان كما سبق، وأنَّه أوصله حيناً، وأرسله أُخرى.

٣) أنَّ الحديث محفوظٌ عن أبي عُبيدة عن عبد الله بن مَسْعودٍ - رضي الله عنه -، وعليه يَرْجع الحديث: قال أبو حاتم في "العلل" - بعد أن ساق الخلاف في هذا الحديث على أبي عُبيدة، وأنَّه يُروى عنه مرَّة عن أبي موسى، ومَرَّة عن أبيه، ومَرَّة مُرسلاً -: والحديثُ مَرجِعُهُ إلى أَبِي عُبَيدة، عن عبد الله، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. (١)

وكذلك فعل الدَّارقطني، فبعد أنْ ساق الخلاف في هذا الحديث، على الثوري، وعلى أبي عُبيدة، قال: وَالصَّحِيحُ عَنِ العلاء بن المُسَيَّبِ، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي عُبَيدة، عن عَبْدِ اللَّهِ. وحديثُ عَلِيِّ بن بَذِيمَة، عن أبي عبيدة، عن عبد الله. (٢)

٤) أمَّا الوجه الثاني فخطأه ظاهرٌ، لا يحتاج إلى بيان، والله أعلم.

خامساً: - الحكم على الحديث:

مِن خلال ما سبق يتضح أنَّ الحديث بإسناد الطبراني "ضَعيفٌ"؛ للانقطاع بين أبي عُبَيدة وابن مَسْعود، فلم يَصح له سماعٌ مِن أبيه، وإنْ أدركه، ومَدار الحديث ومرجعه عليه، كما سبق.

قال المنذري: أبو عُبيدة لم يسمع مِن أبيه فهو مُنْقطعٌ. (٣)

وبهذه العلة؛ أعلَّه غير واحدٍ مِن أهل العلم: كالشيخ/ مُقْبل بن هادي الوادعي، والألباني، والحويني (٤).

وقال الألباني: فقول الترمذي عقب الحديث: "حديثٌ حسنٌ غريب"، مِمَّا يتعارض مع الانقطاع الذي اعترف به هو نفسه، وذلك من تساهله الذي عُرِفَ به. (٥)

قلتُ: ولعلَّ الترمذي - رضي الله عنه - حسَّنه بشواهده، فإن وقفنا عليها زال الإشكال، وإلا فيبقى الحديث على ضعفه.

وعلى كل حال: فالآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الصحيحة في الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر


(١) يُنظر: "العلل" لابن أبي حاتم (٥/ ٦٠ - ٦٢/مسألة ١٨٠١).
(٢) يُنظر: "العلل" للدَّارقطني (٥/ ٢٨٨/مسألة ٨٨٩).
(٣) يُنظر: "عون المعبود" ١١/ ٤٨٨.
(٤) يُنظر: "أحاديث مُعلَّة ظاهرها الصِّحة" (ص/٢٧٢ - ٢٧٣)، "السلسلة الضعيفة" حديث رقم (١١٠٥)، "النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة" (١/ ٢٤ - ٣١/حديث رقم ٦).
(٥) يُنظر: "السلسلة الضعيفة" (٣/ ٢٣٠/حديث رقم ١١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>