للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثًا: - الحكم على الحديث:

مِمَّا سبق يَتَبَيَّنُ أنَّ الحديث بإسناد الطبرانيّ "حَسَنٌ لذاته"؛ لأجل إسماعيل بن زكريا.

وللحديث مُتابعاتٌ في "الصحيحين" - كما سبق في التخريج - يرتقي الحديث بها إلى "الصحيح لغيره".

رابعًا: - النظر في كلام المُصَنِّف - رضي الله عنه - على الحديث:

قال المُصَنِّفُ - رضي الله عنه -: لم يَرْوِه عن دَاوُدَ بنِ أبي هِنْدٍ إلا إِسْمَاعِيلُ، تَفَرَّدَ بِهِ: سَعِيدُ بن سُلَيْمَانَ.

قلتُ: لم يَنْفَرد به إسماعيل بن زكريا عن داود بن أبي هندٍ، بل تابعه سُفْيَان بن عُيَيْنَة عند الخرائطي في "مكارم الأخلاق"، ولم يَنْفَرد به كذلك سعيد بن سُليمان عن إسماعيل بن زكريا، بل تابعه زكريا بن عديّ بن رزيق كما عند أبي عوانة في "المُستخرَج" - وقد سبق بيان ذلك في التخريج -، والله أعلم.

وتعقبه الشيخ/ الحويني في "تنبيه الهاجد" بمتابعة زكريا بن عدي وحده. (١)

خامسًا: - التعليق على الحديث:

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ كَانَتْ مُبَايَعَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه بِحَسَبِ ما يَحْتَاجُ إِلَيْهِ مِنْ تَجْدِيدِ عَهْدٍ، أو تَوْكِيدِ أَمْرٍ، فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُمْ. (٢)

وأخرج الطبراني في "المعجم الكبير" (٢٣٩٥)، مِنْ طريق زِيَاد بن أبي سُفْيَانَ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بن جَرِيرٍ البَجَلِيُّ، عن أَبِيهِ، قال: غَدَا أَبُو عَبْدِ اللهِ إِلَى الْكُنَاسَةِ لِيَبْتَاعَ مِنْهَا دَابَّةً، وَغَدَا مَوْلًى لَهُ فَوَقَفَ فِي نَاحِيَةِ السُّوقِ، فَجَعَلَتِ الدَّوَابُّ تَمُرُّ عَلَيْهِ، فَمَرَّ بِهِ فَرَسٌ فَأَعْجَبَهُ، فَقَالَ: لِمَوْلاهُ انْطَلِقْ فَاشْتَرِ ذَلِكَ الْفَرَسَ، فَانْطَلَقَ مَوْلاهُ، فَأَعْطَى صَاحِبَهُ بِهِ ثَلاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَأَبَى صَاحِبُهُ أَنْ يَبِيعَهُ فَمَاكَسَهُ، فَأَبَى صَاحِبُهُ أَنْ يَبِيعَهُ، فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ تَنْطَلِقَ إِلَى صَاحِبٍ لَنَا نَاحِيَةَ السُّوقِ؟ قَالَ: لا أُبَالِي فَانْطَلَقَا إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ مَوْلاهُ: أَنِّي أَعْطَيْتُ هَذَا بِفَرَسِهِ ثَلاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأَبَى، وَذَكَرَ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، قَالَ صَاحِبُ الْفَرَسِ: صَدَقَ أَصْلَحَكَ اللهُ فَتَرَى ذَلِكَ ثَمَنًا، قَالَ: لا فَرَسُكَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ تَبِيعُهُ بِخَمْسِمائةٍ حَتَّى بَلَغَ سَبْعَمِائَةِ دِرْهَمٍ أَوْ ثَمَانَمائةٍ، فَلَمَّا أَنْ ذَهَبَ الرَّجُلُ أَقْبَلَ عَلَى مَوْلاهُ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ انْطَلَقْتَ لِتَبْتَاعَ لِي دَابَّةً، فَأَعْجَبَتْنِي دَابَّةُ رَجُلٍ، فَأَرْسَلْتُكَ تَشْتَرِيهَا، فَجِئْتَ بِرَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَقُودُهُ وَهُوَ يَقُولُ: مَا تَرَى مَا تَرَى، وَقَدْ بَايَعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى النُّصْحِ لِكُلِّ

مُسْلِمٍ.

* * *


(١) يُنظر: "تنبيه الهاجد لما وقع مِنْ النَّظر في كتب الأماجد" حديث رقم (١٤٨٤).
(٢) يُنظر: "فتح الباري" لابن حجر (١/ ١٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>