للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والدليل ما ذكره ابن عدي في "الكامل"، قال: سمعت الحسين بن عبد الله القطَّان، سمعتُ أبا التقى هشام بن عبد الملك، يقول: من قال إن بقية قال: حدثنا؛ فقد كذب، ما قال بقية قط إلا حدثني فلان. (١)

وقال ابن أبي حاتم: سألتُ أَبِي عَنْ حديثٍ رواه بَقِيَّة؛ قال: حدَّثني عبد العزيز بن أَبِي رَوَّاد، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وذكر الحديث؛ فقال: هَذَا حديثٌ باطِلٌ، لَيْسَ مِن حَدِيثِ أَبِي رَوَّاد. (٢)

وقال أيضًا: سألتُ أبا زُرْعَةَ عَنْه؛ فقال: هَذَا حديثٌ لَيْسَ لَهُ أصلٌ؛ لَمْ يَسْمَعْ بَقِيَّة هذا الحديثَ من … عبد العزيز؛ إِنَّمَا هُوَ عَنْ أَهْلِ حِمْص، وأهلُ حِمْص لا يميِّزون هَذَا - أي يجعلون سماعًا ما ليس بسماع-. (٣)

وبهذا يتضح أنَّ الشيخ الألباني قد جانبه الصواب حين حَسَّن هذا الطريق في "السلسلة الصحيحة"، ولم يذكر دليلاً على ما ذهب إليه غير قوله: ومن الصعب الاقتناع بأن مجرد كونه حمصيًّا مع كونه - يقصد كثير بن عبيد - ثقة لا يُميز بين قول بقية: "عن"، وبين: "حدثنا"! (٤)

قلتُ: وكلامه - رحمه الله- مردودٌ بأمور ملخصها:

أ) اتفاق كلّ من أبي حاتم، وأبي زرعة على أنَّ الحديث بإسناد بقية باطل، ولا أصل له، وهذا اتفاقٌ من إماميْن لا يُشق لهما غبار في هذا الفن.

ب) يُضاف إليهما قول هشام بن عبد الملك بأن بقية لم يقل حدثنا قط.

ج) أنَّ بقية يدلِّس تدليس التسوية، فلا بد وأن يصرح بالسماع في كل طبقات السند، ولم يتحقق ذلك معنا.

[شواهد للحديث]

• أخرج الإمام أحمد في "مسنده" (١٥٤٢٥)، بسندٍ صحيحٍ، أنَّ كَلَدَةَ بْنَ الحَنْبَلِ أَخْبَرَ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ بَعَثَهُ فِي الْفَتْحِ بِلِبَإٍ، وَجَدَايَةٍ، وَضَغَابِيسَ، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِأَعْلَى الْوَادِي، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَلَمْ أُسَلِّمْ، وَلَمْ أَسْتَأْذِنْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: " ارْجِعْ فَقُلِ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ، أَدْخُلُ؟ " بَعْدَ مَا أَسْلَمَ صَفْوَانُ. (٥)

والشاهد أنه دخل بالهدية قبل السلام، وقَدَّم هديته ولم يسلّم، وتقديمه للهدية يقوم مقام الكلام والسؤال، ومع


(١) يُنظر: "الكامل" لابن عدي (٢/ ٢٦٠).
(٢) يُنظر: "العلل" لابن أبي حاتم (مسألة/ ٢٣٩٠).
(٣) يُنظر: المصدر السَّابق (مسألة/ ٢٥١٦).
(٤) يُنظر: "السلسلة الصحيحة" ٨١٦.
(٥) أخرجه أبو داود (٥١٧٦) ك/الآداب، ب/كيف الاستئذان. والترمذي (٢٧١٠) ك/الاستئذان، ب/ما جاء في التسليم قبل الاستئذان، وقال: حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن جريج. والنسائي في "الكبرى" (٦٧٠٢) ك/الوليمة، ب/الضغابيث، وبرقم (١٠٠٧٤)، ك/عمل اليوم والليلة، ب/كيف الاستئذان، وغيرهم. والحديث صححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (٨١٨). وقال السندي: قوله: بلبأ - بكسر اللام-: ما يُحلب بعد الولادة. وقوله: جداية - بفتح الجيم وكسرها-: ما بلغ ستة أشهر، أو سبعة أشهر من أولاد الظباء ذكرًا كان أو أنثى. وقوله: وضغابيس: صغار القثاء. يُنظر: "التعليق على مسند أحمد" ط/ دار الرسالة (٢٤/ ١٥٣/حديث رقم ١٥٤٢٥). وقال الترمذي: ضغابيس: هو حشيش يُؤكل. يُنظر: "السنن" (٢٧١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>