قال المناوي: وإذا ظهرت البدع المذمومة كالوقيعة في الصحابة والطعن في السلف الصالح، ولعن آخر هذه الأمة أولها؛ فمن كان عنده علم بفضل الصدر الأول وما للسلف من المناقب الحميدة والمآثر الجميلة فلينشره؛ أي يظهره بين الخاصة والعامة ليعلم الجاهل فضل المتقدم وينزجر عن قبيح قوله، ويبين للناس ما أظهروه من الدين، وأصّلوه من الأحكام، الذي استوجبوا به الإعظام، ونهاية الإكرام، فإنَّ كاتم العلم يومئذ - أي يوم ظهور البدع ولعن الآخر الأول - ككاتم ما أنزل الله على محمد، فيُلْجَم يوم القيامة بلجامٍ من نارٍ كما جاء في عدة أخبار.
قال الغزالي: والعلماء أطباء الدين، فعليهم أن يتكفل كل عالم منهم بقطره أو محلته، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويعلمهم أمر دينهم، ويميز البدعة من السنة، وما يضرهم عما ينفعهم، وما يشقيهم عما يسعدهم، ولا يصبر حتى يسأل منه، بل يتصدى للدعوة بنفسه، لأنهم ورثة الأنبياء، والأنبياء ما تركوا الناس على جهلهم، بل كانوا ينادونهم في مجامعهم، ويدورون على دورهم، فإن مرضى القلوب لا يعرفون مرضهم، فهذا فرض عين على كافة العلماء.
وقال: هذا الحديث فيما إذا كان العالم بينهم فسكت، ولا يجوز له الخروج من بينهم حينئذ ولا العزلة. (١)