للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عليه في آخره - وهذا إشارة منه إلى أنَّ في إسناده كذّاب أو وضّاع أو متهم، أو مُجْمعٌ على تركه وضعفه، وغير ذلك مما يدل على شدة ضعفه - كما بيّن ذلك رحمه الله في مقدمة كتابه-. والحديث أورده الألباني في "ضعيف الترغيب والترهيب" (١). وقال في "السلسلة الضعيفة" (٢): ضعيفٌ جدًا.

قلتُ: ولم أقف على ما يشهد لمجموع هذا الحديث من الشواهد الصحيحة (٣)، لكنّ معناه صحيح فإنَّ كتمان العلم من الكبائر خاصةً عند انتشار الجهل وقلة العلم، قال الله - سبحانه وتعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} (٤)، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (٥)، وعاب الله هذا الفعل القبيح على أهل الكتاب؛ فقال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ .... الآية} (٦)، وأخرج الإمام أحمد في "مسنده" (٧)

بسندٍ صحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ، أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (٨)، فإن كان هذا على سبيل العموم، فهو عند انتشار الجهل أَوْكد، بل وعند وقوع الكبائر والمُنكرات؛ كسبّ الصحابة الأبرار أشد وأعظم، لثبوت فضل الصحابة ومن تبعهم بإحسان، ومكانتهم، ورضا الله عنهم بما هو معلومٌ من الدين بالضرورة، قال الله - سبحانه وتعالى -: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ … الآية} (٩)، فإذا وقع هذا؛ ولعن آخر هذه الأمة أولها فقد وجب على الأمة عمومًا وعلى أهل العلم خصوصًا النفير للتصدي لهؤلاء، ولتعليم الأمة، وتحذيرها من هذا الفعل الشنيع، جعلنا الله تعالى من الدعاة المخلصين إليه، آمين.


(١) يُنظر: "ضعيف الترغيب والترهيب" (٩٦).
(٢) يُنظر: "السلسلة الضعيفة" (١٥٠٧).
(٣) الحديث له شاهدٌ من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه -، لكنه لم يصح سنده، قال الألباني في "الضعيفة" (١٥٠٦): "منكر". وقد خرَّجت الحديث فوجدتُ مداره على الوليد بن مسلم، ولم يُصرِّح بالتحديث بل رواه بالعنعنة، وكل الطرق إليه لم تَسْلَم من الضعف ما بين ضعيفٍ ومجهولٍ.
(٤) سورة "البقرة" آية (١٥٩).
(٥) سورة "البقرة" آية (١٧٤).
(٦) سورة "آل عمران" آية (١٨٧).
(٧) أخرجه الإمام أحمد في "مسنده" (٧٥٧١) ..
(٨) وأخرجه أبو داود في "سننه" (٣٦٥٨) ك/ العلم، ب/ كراهية منع العلم، والترمذي في "سننه" (٢٦٤٩) ك/ العلم، ب/ ما جاء في كتمان العلم، وحَسّنه، وابن ماجة في "سننه" (٢٦١، ٢٦٦) في/ المقدمة، ب/ من سُئل عن علمٍ فكتمه.
(٩) سورة "التوبة" آية (١٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>