للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثًا:- النظر في الخلاف على أبي إسحاق السَّبِيعِيِّ:

مما سبق يَتَبَيَّن أنَّ الحديث مداره على أبي إسحاق السبيعي، واختلف عليه فيه من وجهين:

الوجه الأول: أبو إسحاق السَّبِيْعِيُّ، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (مرفوعًا).

الوجه الثاني: أبو إسحاق، عن الحارث، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (موقوفًا).

والذي يظهر - والله أعلم -، أنَّ الوجه الثاني (الموقوفُ) هو الأشبه والأقرب للصواب؛ للقرائن الآتية:

١) أن الوجه الأول لا يخلو كل طريق من طرقه الأربعة من كلامٍ في سنده:

_ فرواية زيد بن أبي أُنيسة: في السند إليه عبد الله بن جعفر الرقي "تغيّر بآخره، ورُبَّما خالف"؛ والراوي عنه أحمد بن خليد، ولم يتميز هل روى عنه قبل الاختلاط أم بعده؟

_ وأما رواية الثوري، فهو وإنْ كان من أَثْبَتِ الناس في أبي إسحاق؛ لكنَّه أُتِيَ في هذه الرواية من الراوي قبله، ففي السند إليه: محمد بن إسحاق السجزي، قال فيه ابن عدي: ضعيفٌ يقلب الأحاديث ويسرقها. (١) لذا قال ابن عدي: وهذه الأحاديث التي أمليتُها لمحمد بن إسحاق، عن عبد الرزاق، عن مَعْمر، والثوري، كلها غير محفوظة. وقال الدارقطني، وأبو نُعيم: غريبٌ مِنْ حديث الثوري.

_ وأما رواية يوسف بن إسحاق ففي السند إليه سعيد بن عَنْبَسة الرازي أبو عثمان الخزّاز: قال فيه ابن معين، وابن الجُنَيد: كذَّابٌ. وقال أبو حاتم: كان لا يُصدّق. (٢)

_ وأما رواية موسى بن عُقبة، فهو وإنْ كان ثقةً، لكنَّه خالف ما رواه الثقات عن أبي إسحاق، ولم يتميَّز حديثه عن أبي إسحاق، هل قبل الاختلاط، أم بعده؟ ومن كان هذا حاله فلا يُقبل حديثه حتى يُتابع عليه.

٢) أمَّا الوجه الثاني، فقد رواه عن أبي إسحاق ثلاثةٌ مِنْ الرواة، كالآتي:

_ زُهَيْر بن معاوية، وهو "ثِقَةٌ، ثَبْتٌ"؛ لكنه سمع من أبي إسحاق بعد الاختلاط. (٣)

_ لكن تابعه شريك بن عبد الله بن أبي شريك النَّخعيُّ، وهو "صدوقٌ، عند المتابعة"، إلا أنَّ له خُصُوصيَّة في أبي إسحاق؛ فلقد كان الإمام أحمد، وابن معين يُوثِّقانه، ويُقَدِّمَانه على غيره في أبي إسحاق بعد الثوري؛ وبَيَّن الإمام أحمد أن سماعه من أبي إسحاق قديمٌ. (٤)

_ وتابعه كذلك إسرائيل بن يونس: وسماعه مِنْ جدِّه قديمٌ، ومِنْ أثبت النَّاس فيه، كما سبق.

٣) وقال أبو داود: لم يسمع أبو إسحاق من الحارث الأعور إلا أربعة أحاديث ليس فيها شيءٌ مُسْنَد. (٥)


(١) يُنظر: "الكامل" لابن عدي ٧/ ٥٣٩.
(٢) يُنظر: "الجرح والتعديل" ٤/ ٥٢، "لسان الميزان" ٣/ ٣٩.
(٣) يُنظر: "التقريب" (٢٠٥١).
(٤) يُنظر: "الكامل" لابن عدي ٢/ ٧٣، "تهذيب الكمال" ١٢/ ٤٦٢.
(٥) يُنظر: "إكمال تهذيب الكمال" (١٠/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>