للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٣٤٨)، كلهم من طريق حَجَّاج بن أَرْطاة - من أصح الأوجه عنه (١) -، عن الحَكَم بن عُتَيبة، عن مِقْسَم، عن ابْنِ عَبَّاس، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ وَطِئَ حُبْلَى».

قال الهيثمي: رواه أَحْمَدُ، وَالطَّبَرَانِيُّ، وَفِيهِ الحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، وَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ. (٢)

قلتُ: والحَجَّاج ليس بمُدَلس فقط، بل وقال فيه الحافظ ابن حجر أيضًا: صدوق كثير الخطأ والتدليس. (٣) وصِدْقه مَحْمول على عدالته في نفسه، وكثرة خطأه محمول على ضبطه، كما دلَّ على ذلك مجموع أقوال أهل العلم فيه، وهى مبسوطة في ترجمته (٤).

• وأخرجه النَّسائي في "الكُبْرى" (٦١٩٦) ك/البُيُوع، ب/بَيْعُ الْمَغَانِمِ قَبْلَ أَنْ تُقْسَمَ، وفي "الصغرى" (٤٦٤٥)، وأبو يعلى في "مسنده" (٢٤١٤، ٢٤٩١)، وابن الجارود في "المنتقى" (٧٣٢)، والطبراني في "الأوسط" (٦٩٨١)، وفي "الكبير" (١١٠٦٧، ١١١٤٦)، والدَّارقطني في "سننه" (٣٠٥١)، والحاكم في "المستدرك" (٢٣٣٦، ٢٦١١، ٢٦١٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١٨٣٠٣، ١٨٣٠٤)، كلهم من طريقين، عن مُجاهد، عن ابن عبَّاس، قَالَ: " نَهَى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الْحَبَالَى أَنْ يُوطَأْنَ حَتَّى يَضَعْنَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ … الحديث مُطَولاً" واللفظ للنسائي، والطبراني، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، والباقون بنحوه. وصَحَّحَه الحاكم، ووافقه الذهبي.

ث شواهد للحديث:

وللحديث عِدَّة شواهدٍ عن جماعة من الصحابة، من أمثلها:

• ما أخرجه الإمام مسلمٌ في "صحيحه"، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، أَنَّهُ أَتَى بِامْرَأَةٍ مُجِحٍّ عَلَى بَابِ فُسْطَاطٍ، فَقَالَ: «لَعَلَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُلِمَّ بِهَا»، فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ، كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لا يَحِلُّ لَهُ؟ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لا يَحِلُّ لَهُ؟» (٥)

قال الإمام النوويُّ (٦): "الْمُجِحُّ": بِمِيم مَضْمُومَة ثمَّ جِيم مَكْسُورَة ثمَّ حَاءٍ مُهْمَلَة وهي الحَامِل التي قَرُبَتْ وِلَادَتُهَا. و"الفسطاط": بَيْت الشَّعْر. وقوله: "يُلِمُّ بها": أي يطأها، وكانت حَامِلًا مَسْبِيَّة لا يَحِلُّ جِمَاعُهَا حَتَّى تَضع. وَأَمَّا قوله - صلى الله عليه وسلم - "كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لا يَحِلُّ لَهُ؟ كيف يَسْتَخْدِمُهُ وهو لا يَحِلُّ له؟ ": فمعناه: أنه قد تتأخَّر ولادتُها سِتَّة أشْهر حَيث يُحْتَمَلُ كَونُ الوَلَدِ مِنْ هَذَا السَّابِي، وَيُحْتَمَلُ أنَّه كان مِمَّن قبله؛ فعلى تقدير كونِه من السَّابِي


(١) يُنظر: "المصنف" لابن أبي شيبة (١٧٤٥٨).
(٢) يُنظر: "مجمع الزوائد" (٤/ ٣٠٠).
(٣) يُنظر: "التقريب، وتحريره" (١١١٩)، "كشف الإيهام لما تضمنه "تحرير التقريب" من الأوهام" د/ماهر الفحل (ص/٣٣١)، "تذهيب تقريب التهذيب" طارق بن عوض الله (١/ ٣٨٦).
(٤) يُنظر: "الثقات" للعجلي ١/ ٢٨٤، "الجرح والتعديل" ٣/ ١٥٤، "الكامل" لابن عدي ٢/ ٥١٨، "تهذيب الكمال" ٥/ ٤٢٠.
(٥) أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" (١٤٤١) ك/النكاح، ب/تَحْرِيم وَطْء الحَامِل الْمَسْبِيَّةِ.
(٦) يُنظر: "المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجَّاج" (١٠/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>