للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله. فأرجو أن يُوْرِثَنِيَ الكُرَاعَ فَأَشْرَبَ مِنْهُ"، فهذا مما له حكم الرفع، لأنه لا يُقال من قِبَل الرأي والاجتهاد. (١)

وثبت عند ابن حبان - كما سبق - أنَّه جعله من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَمَّا الْحَوْضُ فَيَزْدَحِمُ عَلَيْهِ فُقَرَاءُ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ يُقْتُلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَيَمُوتُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ يُورِدَنِيَ اللَّهُ الْكُرَاعَ فَأَشْرَبَ مِنْهُ».

وله شاهد عند الترمذي، من حديث ثَوْبان - رضي الله عنه - وفيه: " أَوَّلُ النَّاسِ وُرُودًا عَلَيْهِ فُقَرَاءُ المُهَاجِرِينَ، الشُّعْثُ رؤوساً، الدُّنْسُ ثِيَابًا الَّذِينَ لا يَنْكِحُونَ المُتَنَعِّمَاتِ وَلا تُفْتَحُ لَهُمُ أَبْوَابُ السُّدَدِ " (٢)، وسنده ضعيف، ويبقى هذا اللفظ على حسنه.

• ويشهد لجزئه الثاني - "في دُخولهم الجنة بغير حساب" - ما أخرجه البخاري، ومسلم في "صحيحيهما" - واللفظ لمسلم - من حديث عِمْرَان بن حُصَين، أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِي سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ قَالُوا: وَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: "هُمُ الَّذِينَ لا يَكْتَوُونَ وَلا يَسْتَرْقُونَ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ"، فَقَامَ عُكَّاشَةُ، فَقَالَ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: "أنْتَ مِنْهُمْ قَالَ: فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، ادْعُ اللهِ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، فقَالَ: "سَبَقَكَ بِهَا عُكَّاشَةُ". (٣)

• ويشهد لدخول الزيادة - في قوله: "ثم يَشْفَع كل ألفٍ لسبعين ألفٍ، ثم يَحْثي ربي ثلاثَ حَثَيات بِكفه" - ما أخرجه أحمد في "مسنده" - بإسناد صحيح، رجاله رجال الصحيح - من حديث أبي أُمَامة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " إِنَّ اللهَ وَعَدَنِي أَنْ يُدْخِلَ مِنْ أُمَّتِي الْجَنَّةَ سَبْعِينَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ ". فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الأَخْنَسِ السُّلَمِيُّ: وَاللهِ مَا أُولَئِكَ فِي أُمَّتِكَ إِلا كَالذُّبَابِ الأَصْهَبِ (٤) فِي الذِّبَّانِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " فَإِنَّ رَبِّي قَدْ وَعَدَنِي سَبْعِينَ أَلْفًا مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفًا، وَزَادَنِي ثَلاثَ حَثَيَاتٍ ".


(١) قال ابن حجر في "نزهة النظر" (ص/٢٨٢): ومثال المرفوع من القول حكماً لا تصريحاً: ما يقول الصحابي - الذي لم يأخذ عن الإسرائيليات - ما لامجال للاجتهاد فيه، .... وكذا الإخبار عما يحصل بفعله ثواب مخصوص، أو عقاب مخصوص، وإنما كان له حكم المرفوع؛ لأن إخباره بذلك يقتضي مُخبرا له، ومُوَقفا للقائل به، ولا مُخبر لهم، ولا مُوَقّف للصحابة إلا النبي - صلى الله عليه وسلم -، .... إلى أن قال: وإذا كان كذلك؛ فله حكم ما لو قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فهو مرفوع؛ سواء كان مما سمعه منه، أو عنه بواسطة صحابي. ويُنظر: "النكت" للزركشي (١/ ٤١٢)، "فتح المُغيث" (١/ ٢٢٤)، "تدريب الراوي" (١/ ٢٨٣).
(٢) أخرجه الترمذي في "سننه" (٢٤٤٤)، ك/صفة القيامة، والرقائق، والورع، ب/ما جاء في صفة أواني الحوض، وقال: هذا حديث غريب من هذا الوجه. قلتُ: إسناده منقطع، فيه العباس بن سالم، لم يسمعه من أبي سلَّام، وأبو سلَّام لم يسمعه من ثَوبان، وما ثبت من الأسانيد بسماعه منه فهي إما منقطعة، أو ضعيفة - كما قال محققو مسند أحمد، ويُنظر: "جامع التحصيل" (ص/٢٨٦)، "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص/٢١٥). وأخرجه أحمد في "مسنده" (٢٢٣٦٧) - وقال محققه: صحيح، دون قوله: "أول الناس وروداً عليه، فقراء المُهَاجرين"، وإسناده ضعيف، لما سبق. وابن ماجة في "سننه" (٤٣٠٣)، ك/الزهد، ب/ذكر الحوض - وفيه قال العباس بن سالم: نُبِئْتُ عن أبي سلَّام، مما يَدل على انقطاعه، كما سبق -.
(٣) أخرجه البخاري (٦٥٤١)، ك/الرقاق، ب/يَدْخل الجنة سبعون ألفاً، بغير حساب، مطولاً، وبرقم (٥٧٠٥)، ك/الطب، ب/من اكتوى، أو كوى غيره، ومسلم (٢١٨)، ك/الإيمان، ب/الدليل على دُخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب.
(٤) "الأَصْهَب": هو الذي يعلو لونَه صُهْبَةٌ، وهي الشُّقْرة، أو الحُمْرة في سواد. "الصحاح تاج اللغة" (١/ ١٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>