بينما قال الألباني: صحيحٌ، وقوَّاه بمتابعة عَثَّام بن عليّ! (١)
ب الحكم على الحديث مِنْ وجهه الراجح:
وأمَّا الحديث مِنْ وجهه الراجح فإسناده "صحيحٌ لذاته".
قلتُ: وقد صَحَّ الحديث مِنْ طُرُقٍ أخرى عن عائشة، بجعل الوضوء عند الجنابة مِنْ فعل النَّبي - صلى الله عليه وسلم -:
• أخرج البخاري في "صحيحه" (٢٨٨)، ك/الغسل، ب/الجُنُبِ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَنَامُ، مِنْ طريق مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بن نوفل، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: كَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، وَهُوَ جُنُبٌ، غَسَلَ فَرْجَهُ، وَتَوَضَّأَ لِلصَّلَاةِ.
• وأخرج البخاري في "صحيحه" (٢٨٦)، ك/الغسل، ب/كَيْنُونَةِ الجُنُبِ في البَيْتِ إِذَا تَوَضَّأَ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ، عن يحيى بن أبي كثير، ومُسْلمٌ في "صحيحه" (٣٠٥)، ك/الحيض، ب/جواز نوم الجنب واستحباب الغسل له، عن ابن شِهَابٍ؛ كلاهما عن أبي سلمة بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عن عائشة: أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَنَامَ، وَهُوَ جُنُبٌ، تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ، قَبْلَ أَنْ يَنَامَ.
• وأخرج مُسْلمٌ في "صحيحه" (٣٠٧)، ك/الحيض، ب/جواز نوم الجنب واستحباب الغسل له، عن عَبْدِ اللهِ بن أبي قَيْسٍ، قال: سَأَلْتُ عَائِشَةَ، عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِي الْجَنَابَةِ؟ أَكَانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ؟ أَمْ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا اغْتَسَلَ فَنَامَ، وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ فَنَامَ، قُلْتُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الأَمْرِ سَعَةً.
شواهد للحديث:
وقد صحَّ الحديث كذلك مِنْ قول النَّبي - صلى الله عليه وسلم -:
• فأخرج البخاري في "صحيحه" (٢٨٧)، ك/الغسل، ب/نوم الجنب، وبرقم (٢٨٩)، ك/الغسل، ب/الجنب يتوضأ ثم ينام، ومسلمٌ في "صحيحه" (٣٠٦)، ك/الحيض، ب/جواز نوم الجنب واستحباب الوضوء له، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: اسْتَفْتَى عُمَرُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَيَنَامُ أَحَدُنَا وَهُوَ جُنُبٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ إِذَا تَوَضَّأَ».
قلتُ: وبهذا يَتَبَيَّن لنا أنَّ الوضوء عند الجنابة محفوظٌ عن النَّبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً، وفعلاً، ومحفوظ مِنْ قول عائشة أيضاً؛ وأمَّا ذكر التَّيَمُّم فغير ثابتٍ مِنْ فعل النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، ولم يصح مِنْ قول عائشة - كما سبق -؛ وعلى فرض ثبوت وصحة الوجه الثاني - برواية عَثَّام -، فهو مِنْ قول عائشة فقط، وباجتهاد مِنْها، أو يُحمل عند عُسْر وجود الماء - كما قال الحافظ ابن حجر -، لكن مِنْ المُسْتَبْعَدِ أن يكون الأمر ثابتٌ عند عائشة مِنْ قول النَّبي - صلى الله عليه وسلم -، ومِنْ فعله، ثُمَّ تُفْتِي هي بخلافه، والله أعلم.
(١) يُنظر: "صحيح الجامع الصغير" (٤٧٩٤)، "آداب الزفاف في السنة المطهرة" (ص/١١٨ - ١١٩).