للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو عرضًا، تَفَرَّدَ بالحقِّ عن الالتفَاتِ إلى الخلق، وَقد قيل: «إنَّ التَّصَوُّفَ الاعتصامُ بالحَقَائقِ عند اخْتِلَافِ الطَّرَائقِ». (١)

- وقال الإمام ابن القيم: نطقت بفضله الْآيَاتُ وَالْأَخْبَارُ، واجتمع على بيعَته المُهاجرونَ وَالأنصار، فيا مبغضيه في قُلُوبكُمْ من ذكره نَار!

كلما تُليت فضائله علا عَلَيْهِم الصغار.

أَتَرَى لم يسمع الروافض الكفّار {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} (٢).

دُعِي إِلى الإِسلام فَمَا تلعثم ولا أَبى، وَسَار على المحجة فَمَا زلَّ وَلَا كَبَا، وأكثر في الإِنفاق فما قَلَّلَ حتى تخَلّل بالعبا {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ}

من كَانَ قرين النَّبِي فِي شبابه؟ من ذَا الَّذِي سبق إِلَى الْإِيمَان من أَصْحَابه؟ من الَّذِي أفتى بِحَضْرَتِهِ سَرِيعا فِي جَوَابه؟ من أوّل من صلى مَعَه؟ من آخر من صلّى بِهِ؟ من الَّذِي ضاجعه بعد الْمَوْت فِي ترابه؟ فاعرفوا حق الجَار!

نَهَضَ يَوْم الرِّدَّة بفهم واستيقاظ، فالمُحب يفرح بفضائله، والمبغض يغتاظ حسرة ويحتار.

الرافضي يفر من مجْلِس ذكره لَكِن أَيْن الْفِرَار؟!

فضائله جليلة، وَهِي خليّة عَن اللّبْس، ياعجباً! من يُغطِّي عين ضوء الشَّمْس فِي نصف النَّهَار؟!

لقد دخلا غاراً لا يسكنه لابث، فاستوحش الصّديق من خوف الحَوَادِث، فَقَالَ الرَّسُول: مَا ظَنك بِاثْنَيْنِ وَالله الثَّالِث، فَنزلت السكينَة فارتفع خوف الحَادِث، فَزَالَ القلق وطاب عَيْش الماكث، فَقَامَ مُؤذن النَّصْر يُنَادي على منابر الأَمْصَار {ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ}.

حبه وَالله رَأس الحنيفة، وبغضه يدل على خبث الطوية، فَهُوَ خير الصَّحَابَة والقرابة، وَالْحجّة على ذَلِك قَوِيَّة. مهلا فإنَّ دَمَ الروافض قد فار!

وَالله ما أحببناه لهوانا، ولا نعتقد في غَيره هوانا، ولكن أَخذنَا بقول عَليّ - وكفانا -: رضيك رَسُول الله لديننا أَفلا نرضاك لدنيانا. (٣)

* * *


(١) يُنظر: "حلية الأولياء" (١/ ٢٨).
(٢) سورة "التوبة"، آية (٤٠).
(٣) يُنظر: "الفوائد" ١/ ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>