للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الإِسناد لا يُسْأَل عنه لِثِقَتِهِم، وهذا الحَدِيثُ لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عن ابن أبي أَوْفَى إلَّا مِنْ هذا الوَجهِ بِهَذَا الإِسْنَادِ.

وقال ابن الجوزي: هَذَا حَدِيثٌ لا يَصِحُّ؛ أَمَّا عَمَّارٌ: فَقَالَ يَحْيَى: لَيْسَ حديثه بشيء، وقال الدارقطني: مَتْرُوكٌ؛ وَأَمَّا المحَاربيُّ: فَقَالَ يَحْيَى: يَرْوِي عَنِ الْمَجْهُولِينَ أَحَادِيثَ مُنْكَرَةً. (١)

وقال ابن حبَّان: روى عمَّار بن سَيْف، عَن إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد عَن ابن أَبِي أَوْفَى عَنِ النَّبي - صلى الله عليه وسلم - أَحَادِيث بواطيل لَا أصُول لَهَا يطول الْكتاب بذكرها. (٢)

قلتُ: ومع ضعف هذا الشاهد وبطلانه - كما قال ابن حبَّان -، فهو أيضاً يُخالف رواية الباب في جزئه الأول، كما هو واضحٌ لمن تأمَّله، ولا يتفق معه إلا في جزئه الأخير في قوله: «أَجَلْ، وَأَنْتَ هُوَ يَا أَبَا بَكْرٍ»، وقد سبق بيان مخالفتها لما في الصحيح، وعليه فهذا الشاهد لا يُعْتبر به - والله أعلم -.

بعض ما صَحَّ في فضائل سيدنا أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -:

وقد ثبت في سيدنا أبي بكرٍ الصديق - رضي الله عنه - جملة كثيرة من الأحاديث الصحيحة، وبعضها مُخَرَّج في "الصحيحين"، ومنها ما يدل على أنَّ أبا بكر - رضي الله عنه - يُدعى من أبواب الجنة كلها، لكن قال له النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "وأرجو أن تكون منهم"، وهذه الأحاديث فيها غنيةٌ عن الضعيف، منها:

- ما أخرجه البخاري، ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ: " مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ "، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا عَلَى مَنْ دُعِيَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا، قَالَ: «نَعَمْ، وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ». (٣)

- ومِمَّا صحَّ في فضله - رضي الله عنه -، ما أخرجه الشيخان عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ - رضي الله عنه -، أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: «إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبَا بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً غَيْرَ رَبِّي لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلَامِ وَمَوَدَّتُهُ، لَا يَبْقَيَنَّ فِي المَسْجِدِ بَابٌ إِلا سُدَّ إِلا بَابَ أَبِي بَكْرٍ». (٤)


(١) هذا قول أبي حاتم، ونصه: قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عبد الرحمن المحاربي، فقال: صدوق إذا حدَّث عن الثقات، ويروى عن المجهولين أحاديث منكرة، فيفسد حديثه بروايته عن المجهولين. أمَّا يحيى فوثقه. "الجرح والتعديل" ٥/ ٢٨٢.
(٢) يُنظر: "المجروحين" (٢/ ١٩٥).
(٣) أخرجه البخاري في "صحيحه" (١٨٩٧) ك/الصوم، ب/الرَّيَّانُ لِلصَّائِمِينَ، وبرقم (٣٦٦٦) ك/فضائل الصحابة، ب/ قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا». ومسلم في "صحيحه" (١٠٢٧/ ١ - ٢) ك/الزكاة، ب/ مَنْ جَمَعَ الصَّدَقَةَ، وَأَعْمَالَ الْبِرِّ.
(٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" (٤٦٦) ك/الصلاة، ب/ الخَوْخَةِ وَالممَرِّ فِي المَسْجِدِ، وبرقم (٣٦٥٤) ك/فضائل الصحابة، ب/قَوْلِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «سُدُّوا الأَبْوَابَ، إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ»، وبرقم (٣٩٠٤) ك/مناقب الأنصار، ب/ هِجْرَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابِهِ إِلَى المَدِينَةِ. ومسلم في "صحيحه" (٢٣٨٢) ك/فضائل الصحابة، ب/مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه -.
ومن رام المزيد فليراجع "صحيح البخاري" ك/فضائل الصحابة، وقد عقد البخاري رحمه الله ثلاثة أبواب في فضل أبي بكر - رضي الله عنه -، وهي: قَوْل النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «سُدُّوا الأَبْوَابَ، إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ»، و فَضْل أَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنه - بَعْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، و قَوْل النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا». و"صحيح مسلم" ك/فضائل الصحابة، ب/ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه -. و" تحفة الصديق في فضائل أبي بكر الصديق" لأبي الحسن علي بن بلبان، و"فضائل أبي بكر الصديق" لمحمد بن علي العشاري الحنبلي، و"الرياض النضرة في مناقب العشرة" لمحب الدين الطبري، وغيرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>